لم تكد تكتمل بشرى العديد من المغاربة بزيادة الحكومة، التي يرأسها عبد الإله بنكيران، في الأجور في القطاعين العام والخاص، حتى باغتتهم زيادات طالت أسعار بعض المواد الغذائية، وأيضا فواتير الماء والكهرباء بدء من شهر غشت المقبل، ما ألهب جيوبهم وجعل فرحتهم تتبدد سريعا، لأنهم لن ينعموا برفع الأجور كما كانوا يتمنون.

وفي هذا الصدد، أفاد الدكتور هشام الموساوي، أستاذ الاقتصاد بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، بأن القول بأن الحكومة تظل مسؤولة عن الزيادة في الأسعار، إذ برفع الدعم على المشتقات البترولية، والزيادة في الحد الأدنى للأجور، ترتفع تكلفة المواد المنتجة، ما يترتب عنه التأثير على السعر النهائي الذي يُحسب للمستهلك.

وقال الموساوي،إن المستهلك هو من يدفع ثمن "الجرار المنكسرة" كما يقال، مردفا أن المزودين للأسواق يستفيدون من هذه الوضعية من اجل رفع الأسعار أكثر مما ينبغي، غير أن حكومة بنكيران تتحمل أيضا مسؤولية حماية المستهلك المغربي" وتابع المحلل الاقتصادي بأن المواطنين "السذج" يعتقدون أنه عندما تقدم الحكومة دعما ما أو ترفع الرواتب، فإنها تمنحهم امتيازات تستحق الشكر عليها، بينما الحقيقة أن ما تعطيه الحكومة للمواطن في يده اليمنى، تأخذه منه باليد اليسرى" وفق تعبيره ويشرح الموساوي بأن "الحكومة لا تمتلك ثروة خاصة حتى توزعها، وبالتالي لا يمكنها أن تعطي أموالا أو امتيازات مالية لا تملكها أصلا، لكونها تعيش أساسا من أموال دافعي الضرائب".

وأردف أنه إذا حولت الحكومة مالا إلى مجموعة من المواطنين، فإنها حتما انتزعت مثله من مواطنين آخرين، أو إذا ما منحت مالا لمجموعة من المغاربة، اليوم، فإنهم عليهم أن يسددوا غدا ضرائب جديدة، أو يشترون مواد غذائية أو خدمات بأسعار أكثر ارتفاعا واستدل الأستاذ الجامعي، في هذا الصدد، بمقولة للخبير الاقتصادي الفرنسي فريدريك باستيا، حيث قال "هناك ما نراه، وهناك ما نراه، فالذي نراه هو الحكومة التي تعطي لنا، ولكن الذي لا نراه هو أنها تنزع ذلك من آخرين، أو ستنتزع منا شيئا في المستقبل".

ترميم شعبية بنكيران

وزاد المتحدث بأن الحكومة ليست كما يعتقد البعض، أي كيان يهدف إلى الدفاع عن المصلحة العامة، بقدر ما يوجد أشخاص يهمهم تحقيق مصالحهم الشخصية، فالسياسيون يسعون إلى إعادة انتخابهم، بينما البيروقراطيون والموظفون يبحثون عن الحفاظ على مناصبهم.

واستطرد الموساوي بأن بنكيران عندما أعلن الزيادة في الأجور بالقطاع العام، أو الحد الأدنى من الأجور في القطاع الخاص، لا يقوم بذلك من أجل العيون السود للعمال، ولكن من أجل ترميم شعبيته، والرفع من حظوظه وحظوظ حزبه في الفوز بالانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة.

وبالنسبة للخبير ذاته، فإن قرار الزيادة في الحد الأدنى من الأجور يتبر ضارا من الناحية الاقتصادية، لكونه قد يفجر الكتلة الأجرية، ويفضي إلى عجز الميزانية العمومية، مما يؤدي إلى تفاقم التضخم، ويلغي تأثير الزيادة في الحد الأدنى من الأجور.

ولفت الموساوي إلى أن "تجاهل القوانين الاقتصادية، والاعتماد على قرارات تستند فقط على حسابات سياسية، قد يؤدي بالحكومة إلى أن يتجاوزها الواقع"، مشيرا أن الحكومة باتت مرغمة تحت ضغط المؤسسات المالية الدولية على تدشين توازنات ماكرو اقتصادية، ما يفسر رفع دعم الحكومة دعمها لبعض المواد.

وخلص المتحدث إلى أن "الحكومة لا يمكنها خلق الثروات، وبالتالي ما قامت به هو إعادة توزيعها من اجل أهداف انتخابية وسياسية، داعيا المغاربة إلى توخي الحذر مما سماه الموساوي فخاخ السياسة الشعبية والديماغوجية لحكومة بنكيران" على حد تعبيره.