كشفت دراسة أنجزتها مؤسسة "زيوريخ" السويسرية للتأمينات، أن أكثر ما يخيف أصحاب المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمغرب هو الفساد والرشوة، وذلك بعد أن استقت آراء أكثر من 3800 صاحب مقاولة عبر العالم، ضمنهم مقاولون مغاربة أكدوا أن الفساد أكبر عائق يهدد مشاريعهم الصغيرة.

وأوردت الدراسة أن "13 بالمائة من الأطر المستجوبِين أبدَوْا خشيتهم من الفسَاد في المغرب، وهُو معدَّلٌ يضاهِي نظيرهُ في دولةٍ كالمكسيك، حتَّى وإنْ كانت النسبة أقل في دولة مثل جنُوب إفريقيا، حيثُ يقفز المتوجسون من الفساد إلَى 17 فِي المائة، بينما لا تتخطَّى النسبة 7 في المائة بأوروبا.

وأوضح أرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة أن اشتراط بعض المسؤولين الحصول على رشوة من أجل إتمام الإجراءات الإدارية المتعلقة بالمشروع، وكذلك الخروقات التي تشوب الفوز بالصفقات العمومية، قد يضع مقاولاتهم في مهب الريح".

مشكل آخر اعتبره المقاولون المغاربة يهدد مشاريعهم، ويتمثل في تخلف الموردين أو الممولين عن أداء التزاماتهم، حيث يجد أصحاب هذه المقاولات أنفسهم غير قادرين على أداء الالتزامات التي تعهدوا بها للزبناء.

وتبعا لذات الدراسة، قال 25 في المائة من أصحاب المقاولات الصغرى إنهم يخشون هذا المشكل، وهي نفس النسبة المسجلة في تركيا وتونس، ما يؤدي إلى إعلان أكثر من 60 في المائة من المقاولات الصغرى لإفلاسها، حين تجد المقاولات صعوبة في ضمان توازنها المالي.

خوف أصحاب المقاولات الصغرى من تأثير الرشوة والفساد على مشاريعهم، قابلته حالة من الرضا النسبي لهؤلاء حول التحفيزات التي وضعتها الحكومة لإنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة، والمتمثلة أساسا في الإعفاءات الضريبية، إلى جانب الخطة التي وضعها بنك المغرب لتحفيز الأبناك المغربية، لتقديم التمويل لهذه المقاولات.

وقدمت مؤسسة التأمينات السويسرية عددا من التوصيات للمغرب من أجل حماية مقاولاته الصغرى والمتوسطة، ومن بينها ضرورة توفير التمويل الضروري لهذه المقاولات، ووضع إجراءات لدعمها أثناء مرورها بأزمات مالية، ومتابعة الدولة لأصحاب هذه المقاولات، لتجنيبهم المخاطر التي قد تؤدي إلى فشل مشاريعهم".

مقاولات العالم

وإذَا كانت المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب يؤرقها الفساد والتموِين، فإنَّ دولًا أخرى في أوروبا كألمانيَا تكابدُ مشكلًا آخر، يتعلقُ بضعف الطلب والاستهلاك، حتى أن 24 في المائة من المستجوبِين الألمَان اشتكوا من الأمر.

أمَّا في منطقة أمريكا اللاتينيَّة التِي لا تزَال بعضُ بلدانهَا مرتعًا للجريمة، فيطفُو الهاجس الأمنِي إلى صدارة انشغالات المقاولات الصغرى والمتوسطة، ما عدَا البرازِيل التِي استطاعتْ أنْ تتقدم فِي معالجتهَا الإشكَال في صلته بالنظام الجبائي والقضاء.

وتخشَى المقاولات الصغرى والمتوسطة فِي بلدان آسيا من ظروف المناخ، والكوارث الطبيعيَّة التِي قدْ تدمر مشاريعها، بحكم ترددها على المنطقة بين الحين والآخر، حيثُ تحلُّ هونغ كونغ والتايوَان في صدارة الدول المتوجسة، بينما لا تشكلُ الكوارث الطبيعيَّة هاجسًا لدى المقاولات في مناطق كثيرة أخرى من العالم.

وبالرغم من العراقيل التِي اشتكت منها المقاولات، إلَّا نتائج دراسة المؤسسة السويسريَّة وقفتْ على تفاؤلٍ لدى المقاولِين، إذْ ينتظرُ الكثيرون منهم أنْ يكُون عام 2014 أفضَلَ أداءً من سابقه، مراهنِين على التعافِي الذِي باتَ يعرفهُ الاقتصاد العالمِي من الأزمة منذُ فترة.