لا تزَالُ الأموَالُ تهربُ من المغرب نحو الخارج بصورةٍ متزايدةٍ، حتَّى أنَّ الرسامِيل التِي فرَّتْ من المملكة، ما بينَ 2003 وَ2012، وصلتْ إلى عشرة ملايِير دُولار، ذاك ما كشفَ عنهُ آخرُ تقريرٍ لمركز التفكِير الأمريكِي، ‘Finance Integrity’.

التقريرُ الذِي يتولَّى تعقبَ هرُوب الرسامِيل منْ اقتصاديَّات الدول الصاعدَة والسائرة منهَا فِي طريق النمو، أوضحَ أنَّ الظاهرة تتفاقمُ شيئًا فشيئًا في العالم، بيدَ أنَّ الأنكَى لدى الدول النامية، أنَّ إخراج الأموَال فيها نحو الخارج غالبًا ما يجرِي بصورة غير قانونيَّة. وهو ما جعلها تفقدُ زهاء 6.6 مليار دولار ما بينَ 2003 وَ2012.

فإنَّ المغرب يحلُّ في الرتبة التاسعة والخمسين عالميًّا، ضمن قائمة هروب الأموَال العالميَّة، حيثُ أخرجَ المغاربة 9977 مليُون دولار ما بينَ 2012 وَ2013، أيْ بمعدل 998 مليون دولار سنويًّا.

وإنْ كانت وتيرة إخراج الأموَال قدْ تباطأتْ خلال 2011، حيثُ لمْ يذهبْ المغاربة بأموالهم نحو الخارج سوَى بـ 243 مليُون الدولار، إلَّا أنَّها عادتْ لترتفع بصورة صاروخيَّة، في العام الموالِي، وقدْ بلغت الأموَال الهاربة 763 مليُون دولار، بحسب الأرقام نفسها.

ويشرحُ التقريرُ الأمريكيُّ كيفَ أنَّ الأموَال التي تخرج من قبل أصحابها إلى الخارج غالبًا ما تكُون نتاج أنشطة غير مشروعة، كالفساد والجريمة، علمًا أنَّه لا يمكنُ اعتبار كل الأموال التي تخرجُ من المغرب هاربة بصورة غير قانونيَّة، لأنَّ ثمَّة أموالًا قرر أصحابها، بمقتضى إرادتهم، وَباحترام المساطر، أخذهَا إلى الخارج.

بيدَ أنَّ الإشكال في هروب الرسامِيل نحو الخارج، في دول العالم النامِي، والمغرب على وجه الخصوص، يكمنُ في أنَّ الأموال التي تهربُ، خارج مقتضى القانون، تصلُ 69.2 في المائة من مُجمَل الأموال الهاربة، ما يظهرُ ضآلة ما يغادرُ بنوك المغرب إلى الخارج، بصورة قانونية.

وفيمَا تسعى الحكومة المغربيَّة إلى حفزِ منْ سبقَ لهم أنْ هربُوا أموالًا إلى الخارجر قانونية بطريقة غ على التصريح بها، دون الخشية من المتابعة، يحثُّ معدُّو التقرير الأمريكي على فرض مراقبةٍ أكبر، والتدقيق جيدًا في الفواتير التجاريَّة التي يكون تزويرها مدخلًا إلى جلاء الأموَال، تحتاجهَا الدول النامية بشدة في اقتصادياتهَا.

وقياسًا بالدول الإفريقيَّة، كانَ المغربُ أسوأ تصنيفًا، وأقلَّ مراقبة لحركيَّة الأموال، مقارنة بِـليبريا وتشاد والنيبَال وعمان، فِي حين حلَّتْ جنوب إفريقيَا الأولى على صعيد القارة السمراء، والثانية عشرة عالميًّا، بعد بلوغ مشارفة الأموال الهاربة منها ما بينَ 2003 و2013 على 12.214 مليُون دولار.

أمَّا على الصعِيد العربِي، فكانتْ السعوديَّة أولَ دولةٍ عربيَّة من حيثُ حجمُ الأموال الهاربة بصورة غير قانونيَّة، خلال الفترة نفسها المشمولة بالدراسة، يليها العراق الذِي استفادَ فيه المهربُون من حالة الفراغ إثر الغزو الأمريكي، وسوريا ومصر، في حين جاءتْ الجارة الشرقيَّة، الجزائر، في المركز السَّادس والأربعِين عالميًّا.