الجزائر لها خيراتها كان بودها أن تستثمرها في ما يعود على البلد بالخير والبركة. لكن للأسف غيرت بوصلة الاهتمام من التنمية الداخلية إلى مضايقة المغرب حيثما ما حل وارتحل رغم أن الله حباها بالغاز والبترول وغيرها من الموارد.

وحاول المغرب أن يبين للنظام الجزائري أن الأمر بيننا لايعني من يملك الريادة، لأن العالم اليوم أصبح قرية واحدة وكل الأمم توحدت من أجل تحقيق نتائج التنمية المستدامة وضمان التدافع السلمي مع تحديات العالم. وإنما مؤاخذة المغرب تتجلى في تدخل النظام الجزائري في قضايا المغرب. من خلال تكوينه لجبهة تدعى البوليساريو وتوظيفها في المحافل الدولية من أجل التشويش على وحدتنا الترابية والوطنية.

وللأسف فهي تصرف أموالا طائلة في هذا المجال. ومما زاد الطين بلة أن النظام الجزائري يريد أن ينقل هذا الاختيار غير الصائب تجاه دولة جارة تربطهما روح العقيدة والحضارة والتاريخ واللغات إلى الشعب الجزائري الشقيق الذي نكن له كل تقدير واحترام. وهذا لعمري شيء شنيع.

والسؤال المطروح من تمثل جبهة البوليساريو حتى تتحدث باسم المناطق الجنوبية؟ أين يصنف هؤلاء المغاربة المقيمون بأرضهم وبوطنهم المغرب ولم يرضوا أن يكونوا ضحايا مخططات خارجية تستهدف الوحدة؟ وهم الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الحرية والاستقلال..

وكلما عرف العالم تطورات وتغييرات كلما اعتقدنا أن النظام الجزائري سيغير وجهة نظره ويتحرر من التدخل في شؤون الغير وهذا سيكون له الأثر الإيجابي مغاربيا وعربيا وإسلاميا وعالميا..لكن للأسف مازالت دار لقمان على حالها.

لدي زميل أمه جزائرية ومن أجل زيارتها يأخذ الطائرة من وجدة إلى الدار البيضاء ثم من البيضاء إلى الجزائر العاصمة ثم يتحرك بما قدر الله له ليصل إلى تلمسان من أجل البر بوالدته وصلة الرحم معها. وبين وجدة وتلمسان كيلومترات معدودات . إن الاستمرار في إغلاق الحدود من قبل النظام الجزائري يساهم في قطع الرحم ومن قطعها قطعه الله ومن وصلها وصله الله فهلا اتعظ النظام الجزائري بهذه الرسائل الإسلامية الواضحة؟

عندما أراد المغرب أن يوقع اتفاق الصيد البحري في بلجيكا مع الاتحاد الأوروبي تحرك النظام الجزائري والجبهة الخاضعة لأوامره ضد بلدها الأصلي من أجل إيقافه لكن الاتحاد الأوربي الذي أعطى للمغرب الوضع المتقدم أصر على التوقيع رغم المناورات التي يدعمها النظام الجزائري بخيرات الشعب الجزائري للأسف. وأعادوا الكرة سنة 2015 فيما يتعلق بالاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوربي لكن تبوأ النظام الجزائري بالفشل. لأن ما يقوم به هو عين العبث وأعمال العقلاء منزهة عن العبث.

ومما يدعو إلى الضحك هو أن اعتراض البوليساريو بالوكالة هو أنها تدافع على الموارد الطبيعية. وهذه زلة كبرى لأن الذي يطمع في المساعدات الإنسانية لإخواننا وأخواتنا المحتجزين في مخيمات الخزي والعار كيف يحافظ على الموارد الطبيعية؟

واعتبروا الدفاع على الموارد الطبيعية مسؤولية أخلاقية..ولكن أية أخلاق يتحدث عنها هؤلاء؟

إنه الضحك على الأذقان من قبل فئة باعت شرفها لنظام للأسف لم يتأثر بما يقع في العالم. وخاصة عندما طعنوا في موقف الاتحاد الأوربي واعتبروا موقف المجتمع الدولي خذلانا. ولو مارس هذا النظام الحكمة لفهم الرسالة منذ 1975 عندما أقرت محكمة العدل الدولية بعلاقات البيعة التي جمعت بين ساكنة الصحراء وملوك المغرب.

إذن هل كل هؤلاء على ضلال؟ وبذلك من يمارس الخذلان واللف والدوران؟

ولقد توسم المغرب خيرا بالنظام النيجيري الجديد في شخص الرئيس محمدو بخاري. لكن للأسف دون الأخذ بعين الاعتبار ما قدمه المغرب للشعب النيجيري الصديق و دون استشارتة مع الشعب النيجيري الأبي يتخذ قرار بالسماح بتنظيم مؤتمر دولي متعلق بالصحراء المغربية. وكأن التحديات التي تعيشها الشقيقة نيجيريا هو التدخل في شؤون الغير. وتمت تغطية هذا الموقف الرسمي بصيحات مدنية مأجورة للأسف. نحو بعض العاملين في التعليم العالي النيجيري الذين طالبوا بقطع العلاقة مع المغرب. والسؤال كيف يحق لأهل العلم أن يطالبوا بالتفرقة في عصر يحتاج فيه الجميع إلى التعاون والتضامن ربما كان النظام الجزائري أكثر سخاء على الأجانب من الشعب الجزائري الشقيق. ولكن يبدو أن النظام الجزائري وجبهته بالوكالة في وضع حرج اليوم من خلال ما يلي:

-الحضور القوي والفعال والمنتج لجلالة الملك بإفريقيا انطلاقا من التعاون جنوب جنوب ورابح رابح. وتعميق الروابط الدينية والحضارية وتنمية الرأسمال غير المادي الذي يؤسس لعلاقات قوية مبنية على الشفافية والوضوح.

-تفكير البرلمان الأوربي في مراجعة المساعدات الإنسانية المقدمة لساكنة تندوف.

-إثبات متاجرة البوليساريو والنظام الداعم له والتلاعب بالمساعدات الموجهة لساكنة المخيم.

-تفاعل المنتظم الدولي مع مشروع الحكم الذاتي الذي اعتبر حلا سياسيا واقعيا وجديا ومتصفا بمصداقية وقابلا للتوافق. يمكن الرجوع إلى القرار رقم 2218 أبريل سنة 2007.

-تثمين منظومة حقوق الإنسان من خلال اللجنتين الموجودتين بالداخلة والعيون بناء على التقارير المقدمة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

-فتح مجال الاستثمارات بالأقاليم الجنوبية وتفعيل اتفاقيات التبادل الحر التي تجمع المغرب مع مجموعة من الدول.

-نقل السفراء المعتمدين بالمغرب تقارير إيجابية على المغرب خاصة أقاليمنا الجنوبية من خلال الزيارات المتعددة لها والوقوف عن كثب على الحقائق التي تزيف للأسف من قبل الطرف الآخر.

-تواطؤ البوليساريو مع مجموعات إرهابية انطلاقا من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التيه الذي أصبح ينتاب النظام الجزائري وأتباعه بالوكالة تجاه قضيتنا الوطنية خاصة المقاربة التنموية التي نهجها المغرب وتعزيز الدبلوماسية الروحية والاقتصادية والموازية بصفة عامة.

وأخيرا نؤكد على الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه الجزائر مغاربيا وعربيا وإسلاميا ودوليا إذا تحرر نظامها من التدخل في شؤون الغير وسيذكر لها هذا في تاريخها الحافل بالنضال من أجل طرد المستعمر. إذن هل يعي النظام الجزائري السياقات الإقليمية والدولية ويعلن على مقاربة جديدة لحقوق الجوار؟ نتمنى ذلك.

 

بقلم: نورالدين قربال