إن وضع إستراتيجية شمولية للجالية المغربية المقيمة بالخارج، لم تعد مطلباً بل أضحت خياراً لا محيد عنه، إذ على الدولة المغربية الإسراع إليه من أجل تحقيق مزيد من الانجذاب بين أفراد الجالية و بلدهم الأصلي المغرب، مثلما يتطلب الأمر احترام حقوق و مصالح الجاليات المغربية في الخارج، يستلزم التنسيق التام بين جميع مكوناتها، سواء من لدُن الحكومة المغربية و المؤسسات المعنية بشؤون و قضايا الهجرة من جهة أخرى. إذ يبلغ عدد المغاربة المقيمين بالخارج حوالي خمسة ملايين مواطن و مواطنة، ينحدرون من جميع أقاليم المملكة الشريفة، و هم بالتالي يشكلون كثلة بشرية هامة، تساهم بشكلٍ فعال في النشاط الاقتصادي، سواء في البلدان المُضيفة، أو في تنمية الاقتصاد الوطني بصفة عامة و المناطق التي ينحدرون منها على وجه الخصوص.

 

 

أجد نفسي مرغماً على هذا التقديم المقتضب، بُغية التحسيس بدور الجالية المغربية بالخارج و كيفية معاملتها معاملة لائقة...، و ما سأتطرق له اليوم في  موضوعنا هذا،  يُخالف تماماً ما أسلفته في تقديمي، حيث يتعلق الأمر بالإساءة السافرة لهذه الفئة التي تستلزم العناية الفائقة، و سألخص لكم المشكلة برمتها،  كوني أُعدُّ أحد أفراد الجالية و أعيش الوضع عن كثب، حيث أن مشكلة التعيين الجديد التي أقدمت عليه شركة الخطوط الملكية المغربية "لارام"، في حق مديرها القديم لفرعها بـنيويورك السيد "الشاذلي"، و استبداله برئيس جديد يُدعى "رمسيس"، يُعد بمثابة ضرب مصالح أفراد الجالية في نيويورك عرض الحائط، كون الشخص المُعين صديق المدير العام بن لبهيمة " أصبح يُسيء إلى كل الوافدين إلى مصلحة زبناء "لارام"، دون رادع و يقوم بتحقير كل العاملين تحت إمرته.

 

و لمن لا يعرف المدير الجديد لشركة الخطوط الملكية المغربية بامريكا...؟؟؟ فاسمه "رمسيس" و هو حقيقة اسم على مسمى، إذ يُجسد هذا الأخير  شخصية رمسيس الفرعون الذي يعرفها الكل، بكل تجلياتها السلبية طبعاً، فقد ظن نفسه أحد هؤلاء الفراعنة،  و قد تقمص الدور بكل حبكة و احترافية، و أصبح يُحقر كل أفراد الجالية دون استثناء، و قد كنت أحد شهود عيان في واقعة طريفة، حيث بلغت به الخسة و الدناءة إلى  وصف ثلة من المغاربة المغتربين، الذين قصدوا المطار من أجل الحجز تذاكرهم، بالصراصير أي بـ"سرّاق الزيت" بالدارجة المغربية، و كان ذلك في إحدى خرجاته الفرعونية التي يقوم بها بين ردهـات المطار بـ"نيويورك، و قد صادف تلفظه بتلك الكلمات النابية وجود ثلة أخرى من  المغاربة الذين أبدوا استيائهم العارم، اتجاه المهانة و الكلمات النابية  التي وصف بها سفرائنا في المهجر، و هم الآن على استعداد للوقوف في وجه ذلك الطاغية، التي أرسله القدر، أو أرسله السيد الرئيس المدير العام لشركة "لارام" إدريس لبهيمة، في سلكه هو الآخر سياسة  "باك صاحبي"، فالمعروف على  المدير الجديد السيد "رمسيس" أنه ابن الجنرال رمسيس، و مسألة التوظيف المشبوهة تلك، كانت بمثابة هدية رأس  السنة الميلادية لفرعون "لارام نيويورك".

 

و للأمانة الصحفية فقط، أقول أن هذا الشخص أساء و يُسيء للمسار الجيد الذي رسمه المدير السابق ، طيلة فترة تربعه على كرسي مديرية الخطوط الملكية المغربية بنيويورك، و أظن أن السيد "رمسيس" نسي أو يريد أن ينسى أن لهذا الشعب سواء كان بالمغرب أو خارجه ، له ملك يحميه و يحبه حتى النخاع، بدليل العناية المولوية الفائقة التي ما فتئ جلالته يُوليها لكل المغتربين بجميع أنحاء المعمور، وقد خصص لهم عيدا وطنياً، يُحفى بهم من خلاله، و هي دلالة لا تحتاج إلى تفسير، لمن يريد أن يأخذ العبرة من جلالته، و هذا ميساج مُشفـر و لا يحتاج إلى نباهة صاحبنا الفرعونية أو إلى شطحاته الصبيانية، فوجب التذكير بأنه أمام منعطف مهم في تاريخ المغرب الحديث، و أن مغرب الظلاميين قد ولــّى دون رجعة، و أن عهد الفراعنة قد لحق بعهد "الدينصورات" أي أنه زال و انمحى، و أصبح من الواجب عليه الانصياع لحتميات المرحلة الراهنة  من جهة و لتوجهات و تعليمات جلالته من جهة أخرى،  فهو الآن بين  خيارين اثنين لا ثالث لهما، و ننصحه أن يتبع المقولة التي تقول " تقاد و لا خوي البلاد"، و عليه أن يعلم أن المغرب عرف تحولات جذرية  لحقت بنية السكانية، كما عرفت الجالية هي الأخرى تغيرات محورية، حيث أصبحت تضم أطراً و نخباً فكرية وازنة و فاعلة سياسياً ، و وجب حسن معاملتها و خدمتها بما يليق و مستواها المادي و المعنوي و كذا القيمة المضافة التي تُضيفها تلك الشريحة لوطنهم الأم المغرب.

 نبيل العتماني