أظهرت رسالة لتنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا خلافات عميقة بين المقاتلين الأجانب (المهاجرون) والمقاتلين الليبيين فيه دفعت بعض الجهاديين التونسيين والمصريين لمغادرة سرت معقل التنظيم المتطرف الذي يقوم في الفترة الأخيرة بتعزيز مواقع استعدادا لهجمات تعد لها قوات حكومة الوفاق الليبية من جهة وقوات الجيش الليبي في الشرق الموالي للحكومة الموازية والذي يقودها اللواء خليفة حفتر.

وعرض موقع اخباري ليبي الى تلك الرسالة، مشيرا الى أن الخلافات بين الأجانب والليبيين في التنظيم زادت من التخبط بين قياداته التي أطلقت تحذيرات من "الفتنة وشقّ الصف".

ودعا بيان للتنظيم وزع في سرت أهالي المدينة إلى حضور جلسة للصلح بين ما سماهم المهاجرين (في اشارة الى المقاتلين الأجانب) والأنصار من الليبيين، ما يعكس بالفعل وجود خلافات تشق صفوفه بينما يستعد لمواجهة حملة عسكرية مزدوجة.

ويشير البيان الذي تداولته صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي موالية للتنظيم تحت عنوان اصلحوا بين أخويكم الى أسباب تلك الخلافات التي عزاها الى تذمر المقاتلين الاجانب (ومعظمهم تونسيون) من تصرفات المقاتلين الليبيين (الأنصار).

وجاء في البيان أن "المهاجرين اشتكوا "بعض ما يرونه من اخوانهم الأنصار الذين مازال البعض منهم متأثرين بحكم الطاغوت والكفار فيظهرون انتماءهم للقبيلة أو المدينة بدلا عن راية التوحيد أو يظهرون عنادا إلى التخلي عما اكتسبوه من عادات جاهلية فيمتنعون عن الجهاد ويظهرون ترددا في الالتزام بقوانين الدولة الإسلامية".

وبحسب موقع "بوابة الوسط" الاخباري الليبي قال القيادي أبوعزام اليمني "بعد أن من الله علينا بامتداد سلطان الخلافة إلى أرض ليبيا ودحر الطواغيت اختار الكثيرون من الإخوان الموحدين إخوانهم في ليبيا وهاجروا إلى أرض الإسلام وها هم الأخوة الموحدون ينعمون بالعيش تحت شرع الله لا فرق فيهم بين بعض"، محذرا من أن تلك الخلافات الآخذة في التفاقم قد تشق صفوف الدولة الاسلامية وأن تشكل "فرصة لأعداء الدولة لزرع الفتنة وشق الصف". كما دعا الى حلّ هذه المشكلة قبل فوات الاوان.

وبحسب المصدر ذاته فإن التنظيم المتطرف بدأ في تعزيز مواقعه داخل سرت واحكام سيطرته على المدينة والطرق المؤدية اليها، فيما تستعد قوات حكومة الوفاق الليبية من جهة وقوات الحكومة الموازية لحملة عسكرية واسعة لكن من دون تنسيق لتحرير سرت.

وقال الموقع الاخباري إن مقاتلي التنظيم لغموا مبان ومساكن مطلة على الشاطئ ومواقع استراتيجية أخرى مثل مباني جامعة سرت وخزانات النهر ومستشفى ابن سينا.

ونقل عن مصادر محلية في سرت قولها إنه يستخدم اسلاكا رفيعة ملغمة ومفخخات صنعت خصيصا لاستخدامها ضد القوات التي تستعد لتحرير سرت.

وقال المبعوث الأممي الخاص الى ليبيا مارتن كوبلر الأحد، إن تقارير مهمة تشير إلى وجود ما بين ألفين وثلاثة آلاف مقاتل في تنظيم الدولة الاسلامية بسرت ونحو ألفين آخرين منتشرين في مدن ليبية أخرى.

واضاف أن قوات حكومة الوفاق الليبية نجحت في الفترة الماضية في القضاء على خلية خطيرة للتنظيم وأن التحقيقات أظهر ارتباطها بجماعة بوكوحرام النيجيرية المتشددة التي باعت الدولة الاسلامية.

ويؤكد هذا الأمر وجود تنسيق بين التنظيمين المتطرفين. ولم يستبعد كوبلر سعي الدولة الاسلامية الى التمدد خارج سرت في اتجاه منطقة الهلال النفطي التي حاول مرارا اختراقها والاستيلاء على منطقة الهلال النفطي تعني عمليا اصابة ليبيا بشلل اقتصادي حيث يمثل النفط شريان الحياة الوحيد تقريبا لليبيين.

على مشارف سرت

وتقول قوات موالية لحكومة الوفاق الليبية المدعومة من الأمم المتحدة إنها تسعى لتطويق مدينة سرت معقل التنظيم المتطرف بعدما أصبحت على مسافة 15 كيلومترا من مركز المدينة.

وأصبحت القوات التي تتألف من مقاتلين معظمهم من مدينة مصراتة الغربية الآن أقرب إلى سرت عما كان عليه الحال لنحو عام. وفي صيف 2015 انسحبت كتائب مصراتة من سرت وهيمنت الدولة الإسلامية على المدينة بالكامل.

وتأمل الدول الغربية أن تتمكن حكومة الوفاق من توحيد الفصائل الليبية المتناحرة لإلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدد رغم أن الحكومة الجديدة تواجه صعوبات في حشد التأييد لها خارج قاعدة نفوذها في غرب البلاد.

وفي وقت سابق في مايو/ايار تقدم مقاتلو الدولة الإسلامية صوب مصراتة التي تقع على بعد نحو 240 كيلومترا شمال غربي سرت فهيمنوا على بلدة أبوقرين وعدد من القرى ونقاط التفتيش في المنطقة قبل أن يتم ردهم على أعقابهم.

وقال المتحدث العسكري محمد الغسري إنه بعد التقدم على الطريق غربي سرت الجمعة تسعى القوات المدعومة من الحكومة للسيطرة بالكامل على محطة كهرباء تعمل بالبخار تقع على بعد نحو 15 كيلومترا من وسط مصراتة فضلا عن طريق يقود من سرت جنوبا إلى ودان.

وأضاف أن الخطوة التالية هي تطويق سرت ثم مناشدة السكان مغادرة المدينة، مضيفا أن القوات لا تريد الدخول الآن بسبب السكان لكن إذا أصبحت المدينة ساحة للمعركة فيمكنهم الدخول في غضون ساعات.

وعلى الطريق الجنوبي لمصراتة يمكن رؤية سيارات محترقة في مواقع أكثر من ستة تفجيرات انتحارية أو تفجيرات ناتجة عن ألغام ولا تزال القوات المدعومة من الحكومة تكافح لنزع الألغام من المناطق التي تقدم فيها التنظيم.

وفي الوقت الراهن فإن المشهد الأبرز بين القوات التي تقاتل في صف الحكومة هو وجود مقاتلين شبان يرتدون أزياء عسكرية غير متطابقة ويركبون شاحنات مختلفة الطراز في مشهد يشبه القوات الني قاتلت مع حملة قادها حلف شمال الأطلسي للإطاحة بمعمر القذافي قبل خمس سنوات.

وعلى بعد 50 كيلومترا تقريبا من سرت تشيد القوات حواجز من التراب والرمال على الطريق الساحلي للحيلولة دون وقوع المزيد من التفجيرات.

وأظهرت مقاطع فيديو قوات وشاحنات مدرعة عند المدخل الشرقي للمدينة الخاضعة للدولة الإسلامية.