دافع وزير الخارجية الأميركية جون كيري الاثنين عن جهوده في التفاوض مع موسكو بشأن الحرب في سوريا رغم انهيار وقف إطلاق النار وما أعقبه من هجوم كبير بدعم روسي على القطاع الخاضع للمعارضة في حلب.

وبدأت الإمدادات الطبية في النفاد بشرق حلب بينما يتدفق الضحايا على مستشفيات تعمل بصعوبة شديدة في الوقت الذي تتجاهل فيه روسيا وحليفها الرئيس السوري بشار الأسد مناشدات غربية لوقف قصف آخر منطقة حضرية رئيسية في أيدي المعارضة.

وبدأت موسكو ودمشق هجومها في الأسبوع الماضي رغم أشهر من المفاوضات بقيادة كيري أسفرت في وقت سابق من سبتمبر/أيلول عن وقف لإطلاق النار قصير الأجل. وواجه التواصل الدبلوماسي لوزير الخارجية الأميركي مع موسكو شكوكا بعضها من مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية.

وقال كيري إن وقف إطلاق النار الفاشل ليس سبب القتال وإن السبيل الوحيد لوقف الحرب هو الحوار. ورد الوزير على المنتقدين ومنهم السناتور الجمهوري جون مكين الذي وصفه الأسبوع الماضي بأنه "جريء لكنه واهم" في الوثوق بروسيا أكثر من اللازم.

وقال كيري للصحفيين خلال زيارة لكولومبيا "سبب ما يحدث هو رغبة الأسد وروسيا في تحقيق نصر عسكري. اليوم لا يوجد وقف لإطلاق النار ولا نتحدث إليهم الآن وما يحدث؟ المكان مدمر بالكامل هذا ليس خيال. هذا واقع".

ورافق هجوم القوات الحكومية لاستعادة حلب دعم جوي روسي ومساعدة إيرانية على الأرض في قصف وصفه بالسكان بأنه لا سابق له.

ولا يزال نحو 250 ألف مدني محاصرون في القطاع الخاضع للمعارضة في حلب. وقتل المئات من الناس بينهم أطفال منذ مساء الخميس في الهجوم الذي شمل قنابل تخترق التحصينات سوت مبان كاملة بالأرض.

وفي مواجهة محتدمة في الأمم المتحدة وصفت الولايات المتحدة القصف الروسي الأخير لدعم الأسد بأنه "همجية" وقالت إن روسيا تقتل مدنيين وأطقم طبية وموظفي إغاثة.

وتقول موسكو ودمشق إنهما يستهدفان المتشددين فقط رغم ما تردد عن أن تسجيل فيديو من حلب عرض انتشال أطفال صغار من بين حطام مبان منهارة.

وقال عارف العارف الموظف في العناية المركزة بأحد المستشفيات في تصريح من حلب "مستشفيات حلب مزدحمة بمصابين.. الأمور بدأت في النفاد".

وأضاف قائلا "نحن عاجزون عن إدخال أي شخص هنا.. لا معدات ولا حتى إمدادات طبية.. بعض الأطقم الطبية في الريف يعجزون عن المجيء بسبب الحصار".

وقال بيبرس مشعل وهو عامل بالدفاع المدني في الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب إن القصف استمر أثناء الليل حتى الساعة السادسة صباحا (3:00 بتوقيت غرينتش).

وأضاف "الوضع نفسه تماما الكثافة هيه من سبعة أيام على نفس مستوى القصف وخصوصا بالليل بيشتد القصف كثير أعنف.. طبعا مع استخدام كل الأسلحة الفسفور والنابالم والعنقودي".

وقال "حاليا فيه بس (فقط) مروحية (طائرة هليكوبتر) والله أعلم أي بناية هتنزل (ستسقط)."

وهجرت روسيا والأسد الدبلوماسية الأسبوع الماضي وراهنت بدلا من ذلك على توجيه ضربة عسكرية حاسمة لأعداء الرئيس السوري في ساحة القتال. والسيطرة على الأحياء الخاضعة للمعارضة في حلب سيكون أكبر نصر للرئيس السوري في الحرب حتى الآن وسيسحق المعارضة في رابع وآخر معقل حضري كبير.

لا هدوء

وفي مؤشر على عدم وجود هدوء في المستقبل القريب أصدر الجيش السوري بيانا جدد فيه دعوته للمدنيين بالابتعاد عن مواقع المعارضين وقواعدهم في شرق حلب.

وذكر المرصد أنه وثق مقتل 237 شخصا بينهم 38 طفلا من الضربات الجوية في مدينة حلب والريف المحيط بها منذ يوم الاثنين الماضي عندما انتهى وقف إطلاق النار. وقال عمال في الدفاع المدني في الأراضي الخاضعة للمعارضة إن العدد يصل إلى 400.

وتحاصر القوات الحكومية كل القطاع الخاضع للمعارضة في حلب مما يجعل من المستحيل الحصول على إمدادات. وقالت الجمعية الطبية السورية الأميركية إن 30 طبيبا فقط لا يزالون موجودين في شرق حلب.

وقال أسامة أبو عز الجراح العام ومنسق الجمعية في حلب في تصريح لرويترز "لدينا مرضى ينتظرون الموت إن لم يجري نقلهم.

وتابع قائلا، "الطقم الطبي غير كاف ومنهك تماما. ثلاجات بنوك الدم فارغة تماما. والأدوية الحيوية أوشكت على النفاد والأسرة في وحدة العناية المركزة غير كافية وشاغرة دائما.

ويقول سكان إن الضربات الجوية تستخدم قنابل أقوى من ذي قبل. وقال مصدر عسكري الأحد إنه يجري استخدام أسلحة قادرة على تدمير أنفاق ومخابئ تابعة للمعارضة.

ودمرت محطة ضخ مياه تخدم حلب. وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن بعثة تقنية تقوم بزيارة للمحطة لتقييم الأضرار.

وقال المتحدث طارق يساريفتش "لا نعرف المدة المطلوبة لاستعادة العمل."

وأعيقت جهود عمال الإنقاذ خلال القصف إذ جعل القصف الطرق غير مؤهلة للسير وأيضا بسبب تعرض مراكز الدفاع المدني ومعدات الإنقاذ للقصف.

الدبلوماسية

وقتل مئات الآلاف في الحرب بين الحكومة السورية والمعارضين واضطر 11 مليون شخص آخرين لترك منازلهم. ويقع قطاع كبير من شرق البلاد في أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية عدو الطرفين.

ومنذ انضمام روسيا للحرب قبل عام لدعم حكومة الرئيس بشار الأسد تخوض إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما دبلوماسية مكثفة مع موسكو في مسعى لإنهاء الحرب بين الحكومة والمعارضة وتحويل التركيز إلى قتال تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن التصعيد الأخير أدى إلى انهيار السياسة الأميركية في سوريا لتقضي على أي أمل في إحداث انفراجة قبل مغادرة أوباما لمنصبه في مطلع العام المقبل.

وقال الكرملين الاثنين إن الإدانة الغربية الشديدة قد تعطل أي حل للأزمة السورية. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن موسكو لا ترى "أي فرصة على الإطلاق" لعقد قمة بشأن سوريا.

وتحمل الحكومة الروسية واشنطن فشل وقف إطلاق النار وتقول إن الولايات المتحدة فشلت في منع المعارضة من استغلال الهدنة في إعادة تجميع صفوفهم.