ليس شيئا جديدا القول ان الرئيس الأمريكي المنتخب يختلف عن الرئيس المرشح وهذه سمة لا تنفرد بها امريكا انما اية عملية انتخابية تصاحبها دعاية وشعارات كجزء من الذخيرة التنافسية.

الان ترامب تربع على عرش البيت الابيض رئيسا فهل سيطبق كل وعوده للناخبين في الداخل وهذا لب فكرة خوضه الانتخابات الرئاسية فقد نجح لسبب بسيط انه كان قريبا من نبض الشارع الشعبوي واختار عن دهاء ان يخاطب الرجل الابيض ويوجه نداءه لاغلبية سئمت من الطبقة السياسية في واشنطن فهاجمها بل اتهمها بانها فاسدة ورفع سقف الخطاب الى حد ان هذه امريكا يجب ان تتغير ؟

عهد ترامب سيكون من الطبيعي مختلفا بل سيكون عهدا فارقا بسبب عوامل تكون شخصيتة وطموحاته وجرأته التي لا تخطئها العين المجردة وسماته الشخصية التي لا تبتعد عن مفاهيم القوة واعادة هيبة امريكا واصلاح العطل في الداخل وقدرته الفائقة على التحدي ..

ليس صحيحا انه رئيس بلا خبرة فقد سبقه رونالد ريغان الى الرئاسة وكل سيرته الذاتية في الحياة ممثل من الدرجة الثالثة ونجح لان الخبرات ستحيط باي ساكن في البيت الابيض لانها امريكا مجتمع سياسي كبير وعميق فيه خبراء من كلا الصنفين حمائم وصقور ولنا مثال واضح على نوعية ادارتين بوش الأبن واوباما.

السؤال الجوهري ما هي انعكاسات سياسات الرئيس الجديد على منطقتنا العربية وجوارها ؟

مما لا شك فيه ان إيران سارعت الى التعبير عن قلقها الى حد اطلاق شعارات التهديد العلني على لسان نائب رئيس الحرس الثوري بان على ترامب ان لا يحاول ان يختبر قوتنا ؟؟

والسيد ظريف وزير الخارجية عبر عن قلقه من محاولة الادارة الامريكية المس بالاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية وان إيران لديها خيارات عديدة..

هذه نقطة جوهرية سيكون لها تداعياتها على المنطقة بعيدا عن شعارات اختبار القوة او انتهاج الخيارات المختلفة فأي متابع للسياسة والاحداث التي جرت في المنطقة يعلم ان إيران لا قبل لها بمقارعة امريكا ترامب عسكريا مهما بالغت قي استعراض مظاهر قوتها فالتوقيت هنا والقدرات والرئيس حاجة غير؟

من الطبيعي ان طاقم نظام الولي الفقيه السياسي والأمني سيعيد انتاج تبادل الادوار ومحاولة التصعيد وجس النبض والبحث عن ايادي من تحت الطاولة ليصافحها او آذان يهمس لها بالتقية السياسية لأنهم بالأصل

سياسيين براغماتيين رغم كل الصوت المرتفع لن يصلو مع ترامب الى حافة الهاوية والمواجهة في الخليج لأنهم يدركون الأشارات الحمراء. المشكلة في منطقتنا ان الصراعات والتحديات جلها ترتبط بتداعيات التوغل الإيراني في فضاء البلدان العربية واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث واستثمارها لنتائج اتفاقها النووي مع الغرب وكذلك هزالة وضعف ادارة اوباما وايثاره سياسة الأنزواء؟

ترامب الليلة الفائتة في مقابلته المتلفزة غير راض عن سير معركة الموصل وهي نقطة اخرى لتقاطع الدور الإيراني المهيمن مع ادوار قوى اقليمية اخرى مهمة وكذلك حاضنة شعبية رافضة للسياسات الإيرانية في العراق فترامب اصلا موقفه العلني كان رافضا لحرب بوش على العراق ويكرر القول ان العالم سيكون افضل لو بقي صدام فلم سيتعرف الى الأرهاب الحاصل او تعرف احد الى ابو مصعب الزرقاوي او البغدادي بل انه وصل الى الترحم على صدام حسين على شاشة السي ان ان فهذا يعني ان ساحة العراق والتي تشكل امتدادا للنفوذ والهيمنة الايرانية ستكون هي ساحة ملتهبة لشكل النزاع القادم مع ادارة ترامب الرئيس رغم كل ما نسمعه من تحليلات سياسية وتمنيات من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق.. 

ترامب بلا شك رئيس قوي ويريد ان يكون قويا جدا بل يريد ان تكون امريكا في عهدته ايضا قوية ومختلفة تماما سواء بترحيل المخالفين للهجرة او ارباب السوابق كما سماهم امس لكن المؤكد بأن الرجل سيركز على اولويات الداخل الامريكي وتحقيق وعوده لناخبيه ففي كل الانتخابات الامريكية يبقى جوهرها موجه للداخل وانشغالاته وهمومه من البطالة الى الجريمة الى النظم الصحية والضريبية وسواهما لكن من طبيعة السياسة من الصعوبة ان تفصل بين التداخل والتفاعل بين السياسات الخارجية والداخلية الان لأية دولة عادية وصغيرة فما بالك بدولة عظمى لها سياسات كونية ومصالح متشابكة وملفات مترابطة سيكون انعكاسها على العالم بلا استثناء.


محمد الدليمي