اضطهاد الأقليات المسلمة في أمريكا

شهدت الانتخابات الرئاسية الأمريكية ؛ في بحر الأشهر الماضية ولأول مرة في تاريخها ؛ حملة شرسة غير مسبوقة للمترشحين عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري ، ركز فيها المترشح الجمهوري ترامب على ملف الأقليات بوصفه عبئا ثقيلا على المجتمع الأمريكي ، ويشمل كل النازحين إليها عبر بوابتي الهجرة غير الشرعية والتواجد غير المرغوب فيه من قبل الجماعات والتنظيمات المشبوهة من العرب والمسلمين .

وبنجاح ترامب في ولوج البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية رقم 45 ، تنفست التيارات العنصرية المعادية والمنادية بالتطهير العرقي الصعداء ، وخرجت من أوكارها إلى العلن وشرعت في تحريك مفهوم المواطنة على أساس التمييز العرقي والعقدي ، وتنادي جهارا بضرورة الجلاء وطرد الدخلاء من أنحاء التراب الفيدرالي ..

وفي إطار هذه الحملة ضد الأقليات المسلمة ، تلقت العديد من المساجد ؛ سواء في كاليفورنيا أو لوس أنجلس ، أوهايو ، وميشيغان ورود آيلاند وإنديانا وكولورادو وجورجيا ؛ رسائل كراهية محملة بعبارات مستهجنة موسومة " بأبناء الشيطان " Satan Sons أو أناس حقيرين وسخين Tacky Dirt People " تضع المسلمين بين خيارين الطرد أو مواجهة مذبحة .. وحملت ذات الرسائل توقيع " أمريكيون من أجل طريق أفضل "Americans For Best Way . وقد امتنع المتحدثون باسم ترمب التعليق على الحادث ، كما أن مكتب المباحث الفيدرالي (إف.بي.آي) FBI أكد في معرض رده على موجة الرسائل هذه أنها رغم تأجيجها لمشاعر العداء فإنها لا تمثل تهديدا موجبا للتحقيق !

وفي الأسبوع الماضي أصدر "مركز قانون الفقر الجنوبي Southern Poverty Law Center " ( وهي منظمة غير ربحية تم تشييدها سنة 1971 ، تحارب الكراهية والتعصب والتمييز من خلال التعليم والتقاضي ) دراسة كشفت أن الولايات المتحدة شهدت منذ تاريخ الاقتراع الرئاسي الماضي أكثر من 7000 حالة إسلاموفوبيا Islamophobia وتحرش ضد المسلمين .

هل هي بداية إعصار سياسي

لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة ؛ في ظل الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب ؛ لكن يمكن التقاط بعض المؤشرات واعتبارها مدخلا إلى المستقبل القريب في ظل التحديات الدولية الراهنة وعلى رأسها الإرهاب والقلق من انتشار السلاح النووي ... وارتباطا بهذا السياق أحاط الرئيس ترامب مكتبه بمجموعة من الجنرالات عدى الخبراء العسكريين ، فأناط بهم مسؤوليات حيوية سواء في الخارجية أو الخزينة العامة أو الطاقة والتصنيع العسكري أوالدفاع ، ولم يفت الخبراء السياسيين والمراقبين أن لاحظوا عودة الدفء إلى العلاقات السياسية لبعض الدول التي كانت على عهد الرئيس المنتهية ولايته أوباما باردة كإسرائيل وروسيا ، إلى درجة أن ترامب ؛ كخطوة أولى منه وعلى إثر إعلان فوزه ؛ اتصل برئيس وزراء حكومة إسرائيل نتانياهو ووعده بأول زيارة خارج التراب الأمريكي ، هذا وفي آن واحد شدد ترامب ؛ في بعض تصريحاته ؛ على أنه سيحارب الإرهاب وسيعمل على تجفيف منابعه ، وسيبقي على العقوبات في حق إيران رغم كل الاتفاقيات الدولية وقد يقدم على تدمير الاتفاقية النووية بأكملها .. ويتوقع بعض الخبراء في الاستراتيجية العسكرية أن ترامب سيحيي مع إسرائيل ملف إيران الذي طالما أحرج أوباما وتسبب في برودة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ووصلت إلى حد الجفاء بين الرجلين .