تناسلت العديد من الأسئلة الحائرة بعد إعلان وزارة الاتصال الشروع في استقبال طلبات الحصول على بطاقة الصحافة المهنية، وقد أعلنت عن ذلك بين تاريخ 3 نونبر 2016 وانتهت يوم 5 دجنبر 2016، وبدا لافتا أنها مخالفة لمقتضيات مدونة الصحافة والنشر في ذات الإعلان الشيء الذي خلق نوعا من اللبس والالتباس لدى مدراء النشر وبعض مالكي المؤسسات الصحافية الذين يتوفرون على تصريح بإصدار صحيفة إلكترونية أو جريدة ورقية.

وجاء في الإعلان أن الوثائق المطلوبة من أجل الحصول على بطاقة الصحافة  المهنية وبخاصة مدراء النشر الإدلاء بنسخة من شهادة الإجازة أو ما يعادلها مصادق عليها وعللت ذلك بمقتضيات المادة 16 من القانون المتعلق بالصحافة والنشر ،وهنا يجب الوقوف وقفة تحليلية حول هذا الإعلان وكذا مقتضيات المادة 16 من قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر المنشور بالجريدة الرسمية عدد6491 بتاريخ 15 غشت 2016 والشروط والكيفيات المتعلقة بمنح بطاقة الصحافة المهنية حسب مقتضيات المادة 7 من قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين المنشور بالجريدة الرسمية عدد6466 بتاريخ 19 ماي2016.

إن الإعلان المنشور على الموقع الرسمي لوزارة الاتصال مخالف تماما للمقتضيات المعمول بها، إذ أن المادة 16 من قانون الصحافة والنشر لا تشير إلى شروط منح بطاقة الصحافة من جهة، ومن جهة ثانية فإنها تنص في بندها رقم 2 من المادة 16 على الآتي أن يكون حاصلا على شهادة من مستوى الإجازة على الأقل أو شهادة متخصصة في مجال الصحافة مسلمة من طرف مؤسسات التعليم العالي العام أو الخاص أو دبلوم معترف بمعادلته لها فأين هي شهادة الإجازة أو ما يعادلها في هذا البند ؟ فالبند 2 واضح وضوح الشمس وربما أن واضع الإعلان أخد بالجملة الأخيرة التي تقول أو دبلوم معترف بمعادلته لها ونسبها إلى الإجازة، في حين أن لها تعود على الشهادة المتخصصة في مجال الصحافة بدليل وجود أو فلو كان المشرع يقصد بما يعادل مستوى الإجازة لقال أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة أو ما يعادلها....." وبالتالي لن يتركها إلى الجملة الأخيرة من البند، وأيضا المشرع هنا ذكر "دبلوم معترف بمعادلته لها ولم يحدد لنا  هذا الدبلوم في أي مجال، ومن هنا نستنتج أن المشرع ترك الباب مفتوحا ولم يقل "دبلوم في مجال الصحافة معترف بمعادلته لها" أي أنه يمكن أن يكون دبلوم نجارة أو إعلاميات أو...إلخ، سيقول قائل أنه لا داعي أن يوضح لنا نوعية الدبلوم مادام أننا نتحدث عن الصحافة والنشر فالدبلوم طبيعي أن يكون متعلقا بالصحافة ،سنجيبه بالآتي ، لو سلمنا بهذا الطرح سنقول أنه حتى الإجازة تتعلق بالصحافة وبالتالي سيغلق المشرع الباب على الذين يتوفرون على مستوى الإجازة في الفيزياء أو الفلسفة أو الدراسات الإسلامية..إلخ وبالتالي فنوعية الدبلوم لم يحدده المشرع وترك المجال مفتوحا لأي دبلوم وأي إجازة وهنا نشير إلى أن المشرع لم يذكر شهادة الباكلوريا حيث أنه لم يقل أو شهادة الباكلوريا إضافة إلى دبلوم معترف بمعادلته لها أي معادل لتلك الشهادة المتخصصة في مجال الصحافة كما هو مشار إليه أعلاه، لأنه يعلم أن هناك الحاصلين على دبلومات غير حاصلين على شهادة الباكلوريا وغير خاضعين للسلك العام بل لنظام الممرات ، وهنا نلمس الوعي التام لدى المشرع لأنه يعلم أن بعض المؤسسات تمنح دبلومات لغير الحاصلين على شهادة الباكلوريا، فلو ربط الدبلوم بشاهدة الباكلوريا سيخلق هنا إشكالا لدى تلك المؤسسات وبخاصة المؤسسات التي تمنح دبلومات الصحافة وبالتالي سيكون المشرع أمام رغبة في إصلاح القطاع وخلق فتنة لدى تلك المؤسسات وسؤال من أعطاها ترخيصا لمنح تلك الدبلومات لذلك كان ذكيا في التعامل مع هذا البند ولو أننا كنا نأمل أن يشترط على مدراء النشر الإجازة في شعبة الصحافة دون أن يترك الباب مفتوحا لجميع المجالات وحتى ذلك الدبلوم كان يستوجب ربطه بتخصص الصحافة كما وضح بالنسبة للشهادة المتخصصة في مجال الصحافة.

وما دمنا أننا نفصل في المادة 16 من قانون الصحافة والنشر دعونا في هذا المجال أن نعيد قراءتها بتؤدة حتى نستنبط منها بعض الإيضاحات التي سترسم لنا طريقا للفهم وفك الالتباس الحاصل ، فالمادة 16 تقع في الباب الثاني من قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر ( في إدارة النشر) حيث تشير المادة 15 التي تقع في نفس الباب إلى الآتي يجب أن يكون لكل مطبوع دوري أو صحيفة إلكترونية أو أية دعامة إلكترونية أخرى  طبقا لما ورد في المادة 2 أعلاه مدير للنشر" (راجع المادة 2 من نفس القانون) وتأتي بعدها المادة 16 التي ستشرح الشروط التي يجب أن تتوفر في مدير النشر وهنا يجب أن نركز جيدا في هذه الشروط التي ستأتي وسنلاحظ أنها لا تتعلق بمدير النشر بل تتعلق بمالك المؤسسة الصحفية وهذا سيشرحه البند رقم 5 كما سنوضح ، حيث أن المادة 16 تتضمن  6 بنود وسنفصل هنا في البند 2 و5 و البند رقم 6 الذي يتضمن فقرتين ، البند رقم 2 كما أسلفنا يقول أن يكون حاصلا على شهادة من مستوى الإجازة على الأقل أو شهادة متخصصة في مجال الصحافة مسلمة من طرف مؤسسات التعليم العالي العام أو الخاص أو دبلوم معترف بمعادلته لها والبند رقم 5 يقول "أن يتوفر على صفة صحفي مهني وفقا للمقتضيات الواردة في التشريع المتعلق بالصحفي المهني والبند رقم 6 يقول في الفقرة 1 " أن يكون مالكا للمؤسسة الصحفية إذا كانت شخصا ذاتيا أو يمتلك،خلافا للتشريع المتعلق بالشركات والخاص بتعيين المسؤولين فيها،أغلبية رأس المال مؤسسة صحفية تتوفر على الشخصية الاعتبارية" وفي الفقرة الثانية ولاحظوا جيدا " عندما لا يتوفر مالك المؤسسة الصحفية على صفة صحفي مهني وفقا للمقتضيات الواردة في التشريع المتعلق بالصحفي المهني، وجب عليه تعيين مدير للنشر شريطة أن يكون هذا الأخير شخصا ذاتيا ويتوفر على نفس الشروط الواردة في البنود 1و3و4و5 أعلاه" والملاحظ في هذه الفقرة أنه لم يذكر لنا وجوب توفر مدير النشر على البند رقم 2 وبالتالي نستنتج أن المادة وفق شروطها التي وضعت وبخاصة البند 2 لا تشير إلى مدير النشر بل تشير إلى مالك المؤسسة الصحفية وهنا نضع علامة استفهام كبرى ونتساءل هل المشرع أغفل هذه النقطة في الفقرة الثانية من البند 6 من المادة 16 أم أنه أراد أن يرفع الحرج عن الذين حصلوا على تصاريح لإصدار الصحف الورقية أو الإلكترونية قبل صدور هذا القانون على اعتبار أن كل الذين حصلوا على تصاريح ويزاولون المهنة بصفة رئيسية ومنتظمة فهم صحافيون مهنيون وبالتالي هم مدراء للنشر ولو بعدم حصولهم على البطاقة كما سنوضح ذلك مما سيأتي.

إن المادة 16 من قانون الصحافة والنشر لا تشير لا من بعيد ولا من قريب إلى شروط منح بطاقة الصحافة بل هي مرتبطة بالمادة 21 و22 من نفس القانون في بابه الثالث المتعلق بالتصريح القبلي والبيانات الإجبارية المتعلقة به ، إذ أن النيابة العامة هي التي يجب أن تؤكد على البند رقم 2 من المادة 16 الذي يعني مالك المؤسسة الصحفية وخصوصا عندما تلزم المادة 21 على الراغبين بالتصريح بنشر أي مطبوع دوري أو صحفية إلكترونية بعد صدور هذا القانون برقم تسجيل المؤسسة الصحفية في السجل التجاري أي أنه يمكن أن يكون مالك المؤسسة الصحفية مديرا للنشر إذا توفر فيه البند رقم 5 من المادة 16 وإذا لم يتوفر فإنه يعين مديرا للنشر ويكون التصريح بإسمه لا باسم مالك المؤسسة الصحفية، أما الحاصلين على التصريح قبل صدور القانون فالمادة 125 واضحة وتقول يجب على الخاضعين لمقتضيات هذا القانون عند تاريخ نشره بالجريدة الرسمية أن يتلاءموا مع أحكام القسم الأول منه في أجل أقصاه سنة" وما دامت هذه المادة واضحة فلماذا يريد الإعلان القفز على اختصاصات النيابة العامة ويضع قيودا لطالب بطاقة الصحافة المهنية ، وهنا يجب أن نعلم أن بعض المحاكم تطالب الراغبين بأخذ تصريح قبلي لصحيفة إلكترونية أو الذين حصلوا على التصريح قبل صدور القانون بمقتضيات المادة 16 وتطالب مدير النشر ببطاقة الصحافة المهنية من أجل الملاءمة، فكيف سيتم الحصول على البطاقة المهنية لمن هم حصلوا على التصريح قبل صدور القانون، وأعتقد أنه يوجد هناك عدم فهم لمقتضيات هذا القانون وبالتالي حصل هذا اللبس.

كان على وزارة الاتصال في إعلانها المتعلق ببطاقة الصحافة المهنية أن تفرض على طالبها الإدلاء بوصل تعديلي للتصريح تسلمه النيابة العامة لدى محاكم المملكة لأنها هي المخولة بالتصريح حسب المادتين 21 و22 أو الرفض حسب مقتضيات المادة 23 والمادة 24 من قانون الصحافة والنشر، أما بخصوص بعض محاكم المملكة التي تطالب مدراء النشر ببطاقة الصحافة المهنية فهم كذلك مخالفون لمقتضيات البند 5 من المادة 16 المتعلق بقانون 88.13 حيث أن البند يقول أن يتوفر على صفة صحفي مهني وفقا للمقتضيات الواردة في التشريع المتعلق بالصحفي المهني وهذا التشريع هو قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6466 بتاريخ 19 ماي 2016  حيث يعرف الصحافي المهني في المادة الأولى ب كل صحافي مهني يزاول مهنة الصحافة بصورة رئيسية ومنتظمة،في واحدة أو أكثر من مؤسسات الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية أو السمعية البصرية أو وكالات الأنباء عمومية كانت أو خاصة التي يوجد مقرها الرئيسي بالمغرب، ويكون أجره الرئيسي من مزاولة المهنة " وهنا يجب أن نلاحظ ملاحظة أساسية مرتبطة بإعلان وزارة الإتصال، قالت فيه شهادة تثبت قضاء سنتين من العمل في مهنة الصحافة والتعريف بالنسبة للصحفي المهني يقول في واحدة أو أكثر من مؤسسات الصحافة هذا يعني أن هناك صحافيون وصحافيات يشتغلون بمؤسسات الصحافة وليس بالضرورة أن يقضي سنتين متكاملتين بنفس المؤسسة، ثم عن أي شهادة يتحدث الإعلان ونحن نعلم أن بعض المؤسسات يمكن أن تعطي شهادة مزاولة أحد الأشخاص مهنة الصحافة وهو لا يميز حتى بين الخبر والتقرير والتحقيق ...إلخ ونعتقد هنا أن الشهادة هي إنجازات الصحافي أو الصحافية على مدار السنتين وحتى للذين سيقومون بتجديد البطاقة لأنه لا يمكن تزوير تواريخ التغطيات الصحفية أما الشواهد فيمكن ذلك، وشخصيا نعلم أن هناك من يتوفرون على بطاقة الصحافة المهنية ولم ينجزوا في حياتهم أي روبرتاج كان مكتوبا أو مصورا. لنعد إلى التعريف المتعلق بالصحفي المهني حيث أن مزاولة المهنة سيتم تفسيرها في نفس المادة في التعريف رقم 3 الخاص بالصحفي المتدرب حيث يقول " كل صحافي مهني يزاول مهنة الصحافة في واحدة أو أكثر من مؤسسة صحافية يوجد مقرها الرئيسي بالمغرب ولا يتوفر على أكثر من : سنتين في مزاولة الصحافة مع قضاء برنامج معتمد للتكوين المستمر ،........." ومن هنا نفهم أن الصحافي المهني يلزمه قضاء أكثر من سنتين من مزاولة مهنة الصحافة لكن الملاحظة المثيرة وهي برنامج معتمد للتكوين المستمر الذي يضاف إلى تلك السنتين فهذا البرنامج غير محدد الطبيعة والمجال بحيث يمكن أن يكون تكوينا مستمرا في صناعة الألمونيوم أو في كيفية غسيل السيارات ...الخ فالمشرع لم يحدد نوع هذا البرنامج وترك الباب مفتوحا.

وإذا لاحظنا  المادة 7 المتعلقة ببطاقة الصحافة المهنية في الفرع الثالث من قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين فسنجد أنها تقول " تمنح بطاقة الصحافة المهنية لمن يطلبها من الأصناف المعرفة في المادتين 1 و 2 أعلاه........... ونلاحظ أن طلب الحصول على بطاقة الصحافة هو مسألة اختيارية وليست إجبارية لأن المادة تقول لمن يطلبها" وبالتالي لا يمكن أن نقول أن الذين لا يتوفرون على بطاقة الصحافة المهنية فهم غير صحافيين مهنيين لأن المادة 1 و2 لم تضف إلى تعريفها بطاقة الصحافة وتقول "كل صحافي مهني يزاول مهنة الصحافة بصورة رئيسية ومنتظمة وحاصل على بطاقة الصحافة المهنية......" وبالتالي فالإعلان كان يجب أن يستند على المواد 1 و2و7 من النظام الأساسي للصحفيين المهنيين في منح بطاقة الصحافة ، خصوصا وأن النيابة العامة في بعض محاكم المملكة تطالب من أجل منح وصل التصريح ببطاقة الصحافة المهنية وكذلك تطالب الحاصلين على التصاريح قبل صدور قانون الصحافة والنشر ببطاقة الصحافة المهنية ولو أن لديهم ملفا متكاملا تنقصه فقط البطاقة لأن النيابة العامة تستند على المادة 4 من النظام الأساسي للصحفيين المهنيين يتم إثبات صفة الصحافي المهني بواسطة بطاقة الصحافة المهنية المسلمة إلى المعني بالأمر وفقا لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه وكذا القانون رقم 90.13 المتعلق بإحداث المجلس الوطني للصحافة ومن هنا نتساءل كيف سيتم التكيف مع المادة 125 من قانون الصحافة والنشر التي تستلزم الملاءمة أمام الإعلان الذي وضعته وزارة الاتصال بخصوص منح بطائق الصحافة المهنية.

وتأسيسا على ما سبق أدعوا الجميع إلى قراءة مدونة الصحافة والنشر بتؤدة لأنني أعتقد أن الغالبية اطلعوا عليها فقط ولم يقرؤوها كما ينبغي وأتمنى أن أكون قد وفيت وكفيت في هذا الباب.

 

حسن المولوع