غريب جدا ما يحدث في مغربنا العزيز ، بلد الإسثتناءات كما يحلو للبعض أن يلقبه ، فلا أحد إلى حدود الساعة يعلم أين ستتوقف عجلة التشكيل الحكومي التي لا تكاد تسير خطوة إلى الأمام حتى تجد "لعصا في الرويضة" مما يرجعنا في رأي الخاص خطوات إلى الوراء ، كأن هذا "البلوكاج"لم يكتب له أن ينفك رغم كل المحاولات الرامية للخروج من هذا المأزق الذي عمر منذ 7 أكتوبر الماضي حيث أصبح المغاربة ينامون و يصبحون على أخبار تشكيل الحكومة التي لا يعرف منها أصلا الغث من السمين لدرجة أنني لم أعد أصدق سلسلة اللقاءات و الإبتسامات التي تطفو تارة و تختفي تارة أخرى .

على الرغم من أن حزب العدالة و التنمية و كما يعلم الجميع تمكن بفضل تصويت المغاربة في آخر إنتخابات تشريعية من الظفر بثلث مقاعد البرلمان إلا أنه و لحدود كتابة هذه الأسطر لا يستطيع أن يشكل حكومة متجانسة ، فقط لأن الثلث الآخر و الذي يمكنه أن يشكل أغلبية معه قد تم التحكم فيه من طرف حزب معلوم خبير بما فيه الكفاية لكي يقلب الطاولة على المصباح و على من هم أقوى منه ليظهروا للعالم عامة و للمغاربة خاصة أن تصويتكم لا يساوي شيء و أن إرادة التحكم هي من ستسيطر على هذا البلد و بدارجة الفصحى "لي معجبوا حال يخبط راسو مع السارية الكبيرة" .

إن الخروج الإعلامي الأخير لبنكيران ليوضح بجلاء بأن الرجل قد قدم بما يكفي تنازلات في سبيل تشكيل هذه الحكومة التي طال إنتظارها من المواطنين المغاربة و أخرها هو تخليه عن شباط رغم العهود التي قطعها معه ، حسب ما تم نشره في مجموعة من المنابر الإعلامية ، إلا أن الطرف الآخر يريد المزيد و بطريقة مستفزة جعلت بنكيران يقولها صراحة "أنا مول الجمل" ليوضح بأنه حان الوقت ليلزم كل طرف ركنه و إختصاصاته و لو إضطر لتقديم إستقالته لجلالة الملك ، حسب بعض مقربيه ، مما يعني إعادة الإنتخابات و هو على حسب ظني ما يريده بنكيران و أصدقاءه لأنه و بكل بساطة بعد سلسلة المراوغات التي طبعت المشهد السياسي مباشرة بعد الإنتخابات جعلت الشعب المغربي يعي جيدا و بدون أدنى شك أين يضع ثقته بالكامل ؟ و يعرف أيضا من تهمه مصلحة هذا الوطن ممن يسعى إلى المناصب و الوزارات.

شخصيا أفهم أن السياسة تقوم على تحالفات من أجل مصلحة البلد و أنه لا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة في هذا المجال ، إلا أنني لا أفهم كيف ل 37 صوت أن تصبح بين ليلة وضحاها 125 صوت أم هي "تبانضيت السياسية" التي مازالت لم تنذثر منذ عهد الإستقلال ؟ و التي تريد في الحقيقة وأد تجربة ديموقراطية مازالت في المهد كما فعل بها في مصر وتونس مثلا لا حصرا ، ما سيجعل المغاربة قاطبة يملون من السياسة و السياسين أكثر من أي وقت مضى و بالتالي زيادة طابور "المقاطعين".

في إنتظار قادم الأيام و ما ستحمله من أخبار سارة أو حزينة لنا نحن سكان هذا الوطن الغالي على قلوبنا أوجه رسالة إلى من وضعنا فيهم ثقتنا كفاكم عبث بمستقبلنا فما لهذا إنتخبناكم فلا تنفرون من سياستكم أكثر مما نحن صابرون عليها 


 تمام ياسين