صورة قاتمة تلك التي رسمتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية عن حقوق الإنسان في الجزائر ومخيمات تندوف، وذلك خلال تقريرها السنوي حول الوضعية الحقوقية عبر العالم، بشكل لم يختلف عن التقارير التي صدرت في السنوات الماضية.

وأوردت المنظمة الحقوقية ذاتها أنه في ثلاث حالات على الأقل خلال العام الماضي منعت عائلات صحراوية بناتها البالغات من ممارسة حقهن في حرية التنقل والذهاب إلى إسبانيا، حيث يعشن ويقمن بشكل قانوني.

وقال تقرير "هيومن راتس ووتش" إن جبهة البوليساريو لم تستطع أو لم ترغب في إنهاء هذه الحالات من الاحتجاز غير القانوني للنساء، وهو شكل من أشكال العنف الأسري لم تتدخل الجزائر رغم مسؤوليتها العليا عن حماية حقوق الإنسان لجميع الأشخاص المتواجدين على أراضيها لإنهائه.

وفيما أوضح التقرير أن الجزائر تسمح لـ"جبهة البوليساريو" بإدارة المخيمات في تندوف، ذكر أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال زيارته الأولى إلى هذه المخيمات كأمين عام للأمم المتحدة، وصف الوضع بأنه "غير مقبول"، وأغضب السلطات المغربية من خلال وصف الصحراء الغربية بـ"المحتلة" من قبل المغرب.

وقالت المنظمة ذاتها إن السلطات الجزائرية لجأت على نحو متزايد إلى المحاكمات الجنائية عام 2016 ضد مدونين وصحافيين وإعلاميين بسبب التعبير السلمي، باستخدام مواد من قانون العقوبات تجرم "إهانة الرئيس"، أو "إهانة مسؤولي الدولة" أو "الإساءة إلى الإسلام"، وحاكمت أيضا نشطاء نقابيين نظموا أو دعوا إلى مظاهرات سلمية بتهم مثل "التجمهر غير المرخص".

في مقابل ذلك، اعتمد البرلمان الجزائري تعديلات على الدستور في فبراير من العام الماضي، شملت الاعتراف بالحرية الأكاديمية وحرية الصحافة دون رقابة مسبقة ودون عقوبة السجن لجرائم الصحافة. ومع ذلك، يربط الدستور ممارسة هذه الحقوق وغيرها بالقوانين الوطنية التي تحد منها بشكل كبير، حسب المصدر ذاته.

ووجهت المنظمة الأمريكية انتقادات كثيرة للوضعية الحقوقية بالجزائر، معتبرة أنه في الممارسة العملية قوضت السلطات عمل النقابات المستقلة بطرق مختلفة، "فهي تحجب الوضع القانوني عن النقابات المستقلة التي تطلب ذلك، ما يعوق قدرتها على جمع رسوم العضوية التي تحتاج إليها لاستئجار مكاتب وتنظيم أنشطة؛ كما أنه بدون وضع قانوني لا تستطيع فتح حساب مصرفي أو رفع دعاوى أمام محكمة"، مضيفة أن العديد من النشطاء النقابيين تعرضوا للانتقام بسبب تنظيم إضرابات أو المشاركة فيها، وتم توقيفهم عن عملهم دون تعويض ولم يتم توظيفهم.

وبالرغم من اعتماد البرلمان لتعديلات على قانون العقوبات تجرم بعض أشكال العنف الأسري، إلا أن "هيومن راتس ووتش"، أكدت أنه رغم إقرار هذا القانون، لازال على الجزائر اتخاذ تدابير قانونية أكثر شمولا، مثل أوامر حماية المرأة من العنف، وواجبات محددة على أعوان إنفاذ القانون للرد على العنف الأسري، اللازمة لمنع العنف الأسري، ومساعدة الناجين، ومحاكمة الجناة.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن الجزائر واصلت منع دخول المنظمات الحقوقية الدولية للقيام ببعثات بحثية، كما لم ترد على طلبات لازالت عالقة منذ 1997 و2011، بزيارات من قبل المقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بالتعذيب وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.