.و بعد انعقاد المجلس الوطني لحزب العدالة و التنمية يوم السبت الماضي ،و بعد التطرق لتهيئ المؤتمر المقبل للحزب كأهم نقطة في جدول الأعمال ، يكون الحزب قد أعلن إفلاسه في النقاش السياسي الملح و المطروح على طاولة المداولة من قبل كل الهيئات ، وكل المواطنين المغاربة ، وأعني موضوع إخراج الحكومة إلى الوجود الفعلي و العلني بعد أكثر من أربعة أشهر من " البلوكاج " – كما يحب البعض نعته – أو القصور السياسي كما يجب أن يعرف.

نعلم أن حزب العدالة و التنمية سبق أن أجل مؤتمره العادي كي يسمح لبنكيران المنتهية ولايته برئاسة الحكومة المنتظرة " كغودو " .. و الآن يقرر الحزب عقد مؤتمره من دون الحسم السياسي في تشكيل الحكومة ...
قد يكون بنكيران – رئيس الحكومة المعين من قبل الملك – وفق بنود دستور 20111 قد فشل في مفاوضاته من أجل تشكيل الحكومة ...و أعلن صراحة و علنا أن " انتهى الكلام " ... كما أعلنوا أملهم في تشكيل حكومة بأنقاض الأغلبية السابقة ، وهي لا تشكل إلا أغلبية عددية ضعيفة ب 203 من مقاعد مجلس النواب والذي تبلغ أغلبيته 198 ... في وقت تشكلت فيه أغلبية أخرى بمجلس النواب بعد انتخاب الحبيب المالكي عن الإتحاد الاشتراكي رئيسا شرعيا للمجلس في جلسة عامة ، لا غبار و لا تشكيك فيها ...
الكثير من رفاق بنكيران ينعتون الأحرار و الاتحاد الاشتراكي بعرقلة تشكيل الحكومة ، و العدالة و التنمية تدعي أنها قادرة على قيادة الحكومة بأغلبية 203 من المقاعد ، وبفارق بضع أصوات من الأقلية و المعارضة ... مغامرة أكبر من حجم المطلب الذي يقوده حزب الأحرار كي يساعد بنكيران على إخراج الحكومة من غياهب المغامرة و الجب ... بمعنى أن العدالة و التنمية في غنى عن أصوات و مقاعد حزب الاتحاد الاشتراكي ...وعن أغلبية جديدة وواقعية بمجلس النواب ، و حتى مجلس المستشارين ...
يمكن أن نعتبر أن بنكيران قد أعلن نهاية الكلام ... فقد يعتبر أنصاره أنه قد أكمل لنا ديننا ، وأتمم نعمته علينا ...و الشعب و المواطنون و المريدون و الرعايا ينتظرون كلهم خطبة الوداع تلك ...
لكن قبل ذلك لا بد من أداء حساب المرحلة كلها . فلا 1255 من مقاعد البرلمان تكفي كي ندفع الوطن إلى حتف الاحتقان ، ولا العنتريات تبرر ، ولا حتى قرابة المليوني مصوت على الحزب يوم 7 أكتوبر تشفع... فالشعب و المغاربة أكبر و أكثر بكثير مما يدعي رفاق بنكيران ...
... ثم لا بد من طرح مقولة العامة في ذات و سياق الموضوع " واش دخول الحمام بحال خروجو ؟ " ...
افترضنا جدلا أن بنكيران تنصل من تشكيل الحكومة ، مدعيا " التحكم" ثم "البلوكاج " ، فليعلن بكل مسؤولية ، من أوصل البلاد إلى نسبة المديونية التي بلغت أزيد من 83 في المئة من الميزانية ، وأكثر، ومن الناتج الداخلي الخام ... ؟ ومن حرر الأسعار؟ ومن فتح السوق على مصراعيه أمام وحش الليبرالية ؟ ومن أدخل التعليم في سرداب المقامرة ؟ ومن استباح أجور المضربين و قال أنها أنزلت في القرآن وهو الآن مضرب عن العمل و يتقاضى أجرا وفيرا ؟ و من هشم أضلع الفقراء بإعدام صناديق التوازن و المقاصة ؟ ومن عبث بسياسة صناديق التقاعد و حمل الشغيلة كلفة الإصلاح جورا ؟ و من....
أسئلة كثيرة تطرح ، و ستطرح ، وسوف تطرح ..أكان بنكيران رئيسا للحكومة أو تنصل منها كي يصير شيئا آخر ...
فالخياران أحلاهما مر ، و الخيارات صارت قليلة يا سيدي ... يا رئيس الحكومة.

 

  •   أحمد بومعيز