يقول المثل المغربي الدارج "النهار المزيان باين من صباحو"، وصباحات الولايات التشريعية في العادة وفي منطق الأشياء هي دوراتها الاولى، ودورة مؤسستنا التشريعية بعد انتخابات السابع من اكتوبرالماضي انتهت بيضاء، ناصعة البياض .

هي مسالة غير مسبوقة فيما اعرف من تاريخ الممارسة الدستورية في بلادنا (مع الاعتذار المسبق للفقهاء والمتخصصين في القانون الدستوري وهم كثيرون، ان كانت معلوماتي في هذا الشأن غير دقيقة او حتى خاطئة)

نعم إذا لم تخني الذاكرة، فلقد عرفنا ولاية تشريعية أوقف سريانها بإعلان حالة استثناء خلال تلك الأيام الخوالي من سنوات الرصاص المشؤومة، (1965)

وعرفنا ولاية تشريعية في بداية السبعينيات لبرلمان حط بسرعة الاطباق الطائرة ثم مضى وانتهى بسرعة البرق لم نعرف عنه تشريعات ولم يخلد

حصيلته بمنتوج تشريعي يذكر.

وعرفنا ولاية تشريعية انطلقت سنة 1977 زيد باستفتاء عام في مدة صلاحيتها سنة 1981.

وعرفنا فيما اذكر ولاية تشريعية طالت بأكثر مما قدر لها بسبب ملابسات سياسية همت تطورات ملف القضية الوطنية واقتضت تمديدا قبله الجميع نهاية الثمانينيّات بداية التسعينيات الماضية.

وعرفنا ولاية تشريعية انتهت قبل مدتها القانونية سنة 1996 أعقبها اصلاح دستوري فتح المجال لما اصطلح عليه بالتناوب التوافقي .

وخلال الولاية التشريعية التي ابتدأت عقب انتخابات 1997 والتي أعقبها تشكيل حكومة التناوب برئاسة الزعيم الاتحادي عبد الرحمن

اليوسفي نذكر انه كان قد تم تأخير في انطلاق الدورة الاولى ولكن التأخير كان عاديا وطبيعيا لان الانتخابات كانت قد جرت في منتصف نوفمبر ولم يكن بالطبع ممكنا ان يتم انطلاق الدورة الاولى الا بعد ذلك بمدة، ولكن حينما انطلقت مضت الانطلاقة في يسر وسلاسة .

ولم نعرف فيما اذكر من كل هذا التراكم ولاية تنتهي في دورتها الاولى بالبياض.

صباحات الولايات التشريعية هي دوراتها الاولى لان المحددات الاساسية التي تحكم الاداء التشريعي لهذه الولايات ترتسم وتتقرر في العادة خلالها وليس بعدها، وهي محددات تعطي صورة واضحة عما سيكون عليه الاداء العام للمؤسسة على مستوي الممارسة التشريعية ومراقبة العمل الحكومي وضوابط التحالف والتضامن بين المتحالفين وشكل المعارضة ومجالات عملها وهوامش تحركها وأولويات العمل التشريعي على ضوء التفاعلات والتحركات والديناميات في الساحتين السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وفي كل هذه المجالات لن نبالغ ان قلنا اننا نوجد في مربع الجمود، غريب على الاعراف الدستورية، ثقيل على الممارسة السياسية العادية

مشتت للتركيز والانتباه لكل فرقاء الحقل الساسي، باعث على الغموض معرقل لحاسة التخطيط والتوقع والاستشراف بالنسبة للمستثمر والفاعل الاقتصادي، الذي يرى لوحة المؤشرات بيضاء أمامه لا تسعفه برقم او منحنى احصائي يتكأ عليه، في التفكير والتصرف.

طبعا سيقول بعض الظرفاء والمعلقين من "خبراء "القانون الدستوري المعروفين بقدرتهم الفائقة على صبغ الألوان او استبدالها ان الأمور عادية وان المؤسسة التشريعية استكملت هيكلتها وهو ما يسمح لها بالتحرك العادي وان البرلمان ليس هو فقط تلك الجلسات او اللقطات الهستيرية التي تلتقطها عدسات التلفزيون لبعض نواب الأمة وهم   يطرحون الأسئلة الشفوية. مما يدخل فيما اسماه الفرنسي كليس Alain claisse يوما ب وظيفة التمثيل (في إشارة ذكية الى. التماس الذي يحصل بين تمثيل الناس والتمثيل المسرحي لدي العديد من البرلمانيين)

سيقول بعض "الخبراء مثل هذا النوع من الكلام.  للرد على بياض الدورة، لكننا من جهتنا نقول، وبكل بساطة ان بياض الدورة التشريعية

هو الوجه الاخر لبياضات السياسة وفراغاتها عندنا في هذه السنوات الاخيرة.

  • عبد الرحمان العمراني