عادة تقيم مناطق آمنة للحيلولة دون وقوع المجازر الكبرى بحق المدنيين، وخاصة بحق الأقليات والتيارات المعارضة والمضطهدة من قبل أنظمة معينة.

بدون مواربة، ستكون المناطق الآمنة مفيدة أكثر عندما ترافقها حظراً جوياً وتحميها الكثير من الأسلحة والعسكر لضمان عدم اختراقها براً وجواً، لكن المشهد مختلف في الحالة السورية بسبب كثرة اللاعبين والأدوات ورغبة أغلبهم في إنشاء تلك المناطق حسب أجنداتهم وأهوائهم، وما تزال غير معروفة أين ستقام ومن سيتولى حمايتها ومِن مَن ستكون آمنة ماعدا من الجماعات التي تعتبر إرهابية في نظر جميع!

يريد جميع الدول الإقليمية وحتى الأوروبية التخلص من عبء اللاجئين ولبعض منهم مطامع وطموحات في سوريا.

وإذا أقامت تلك المناطق، ستكون على الأرجح في الجهات الأربعة وفي مقربة من تواجد اللاجئين والمهجرين السوريين في الدول الجوار لتسهيل عودتهم، وحسب خارطة التفاهم والنفوذ للدول التي سترعى وتحمي هذه المناطق.

أولاً، المنطقة الممتدة بين نهر دجلة إلى نهر الفرات الواقعة تحت حُكم قوات سوريا الديمقراطية، يرى الكُرد بإن هكذا المنطقة ستحميهم من أي غزو تركي محتمل أو أي اختراق من النظام أو مجموعات من المعارضة المناوئة لهم، وهي (المنطقة) الآن في طور بناء المزيد من القواعد العسكرية الغربية وخاصة الأمريكية، كما إنها واقعة على الحدود الدولة العراقية وإقليم كردستان ـ العراق الذي يتواجد فيها المئات آلاف من اللاجئين.

الثانية، هي المنطقة التي تسعى تركيا تحقيقها منذ سنوات والواقعة غرب نهر الفرات من مدينة جرابلس إلى منبج وأعزاز والباب، وستكون هذه المنطقة محمية من النظام وقوات سوريا الديمقراطية وداعش. تهدف تركيا من حصتها من الاقتسام إلى ضمان تلاشي طموح كُردي في إنشاء أي كيان مترابط، وترحيل اللاجئين وضخ الشركات لبناء مدن جديدة لتثبيت قدمها في تلك المنطقة على أمل استنساخ تجربة دويلة على شاكلة شمال قبرص عبر إبراز العنصر التركماني في الواجهة، وهي تأوي أكثر من مليونا لاجئ سوري.

الثالثة، هي المنطقة الجنوبية في درعا والقنيطرة التي ستكون محمية من النظام السوري وجبهة النصرة وغيرهما، وستكون في عهدة الأردن وإسرائيل وهما حلفاء أميركا. ويوجد في الأردن حوالي مليون لاجئ سوري.

أما الرابعة، قد تقيمها على الحدود اللبنانية، لاستيعاب اللاجئين من لبنان إليها وكسبهم في معارك المصالحات المحلية التي دأبت إليها النظام دائماً، وستكون تحت حماية الروس وإيران كما بقية المدن والمناطق التي تحت سيطرة الحكومة السورية، ويتواجد على أراضيها (لبنان) أكثر من مليون لاجئ سوري.

وهذه المناطق للنفوذ قابلة للتقلص والتمدد كما قابلة للتغيير والانهيار في نفس الوقت، وذلك حسب التحالفات والتنازلات والمصالح. وستبقى مناطق الوسط ساحة للمعارك والمساومات بحجة محاربة الإرهاب، وهذا يعني تمدد الحرب إلى أجل غير مسمى حتى يظهر التفاهم النهائي بين هذه الدول وعلى رأسها أمريكا وروسيا لوضع الحد الجغرافي بين مناطق النفوذ وبالتالي إنهاء أو تقليص الحرب أو ربما نقلها إلى مكان آخر.

 

خالد ديريك