ذهبت، اليوم ،إلى جامعة كونهاغن واستمعت بمحاضرة ألقاها أستاذ جامعي مغربي عبد الله صبيح، ،وحضرها طلبة الماستر وبعض الأساتذة ،كان عرض الأستاذ أكاديمي وكان النقاش كذلك ،لم يترك المحاضر الفرصة تمر دون أن يشير إلى الظروف التي تابع فيها دراسته في فرنسا ،بحيث ومن خلال النبذة القصيرة التي رواها في قالب مشوق تأكدت عصاميته.
الحديث مع الأستاذ تواصل في طريقنا وتجاذبنا أطراف الحديث فيما يخص الأوضاع في المغرب وتصريحات عبدالإله بن كيران الأسبوع الماضي ،والبلوكاج الحاصل ،وصعوبة تشكيل الحكومة ،تحدثنا بمرارة ،ودعته مع أمل اللقاءبه قريبا من أجل مشروع مهم نشتغل عليه لاستغلال الجامعة كفضاء للنقاش.
عدت إلى البيت وجلست أتأمل المشهد السياسي في الدنمارك ومقارنته بالمشهد في المغرب
في الدانمارك بعد الإنتخابات التي جرت في السنة الماضية ،حصل على المرتبة الأولى الحزب الإشتراكي الديمقراطي الذي حضرت مؤتمره السنوي ممثلا للإتحاد الإشتراكي في شتنبر الماضي ،حصل الحزب على 47مقعدا،وجاء فيالمرتبة الثانية حزب الشعب اليميني المتطرف ب 37مقعدا ويليه حزب الفينسترا وهو حزب ليبرالي ب 34مقعدا ثم
حزب الوحدة يساري ب14مقعد ويليه حزب لبرال أليانس ب13مقعد ثم حزب البديل بثمانية مقاعد ثم الرادكاليين وسط بسبعة مقاعد والحزب الإشتراكي الشعبي بسبعة مقاعد ثم المحافظين خمسة مقاعد.
عندنا بالمغرب، الحزب الذي فاز بأكبر عدد لم يستطع بعد تشكيل تحالف ويتقبل النتيجة ولم تكن بالدانمارك أزمة دامت مثل مادامت في المغرب . زعيمة الحزب الإشتراكي الديمقراطي قدمت استقالتها وفتحت المجال لشخصية جديدة نالت دعم كل الفروع وكل مناضلي ومناضلات الحزب ، اتفقت أحزاب اليمين وسارعت في دعم حزب "الفينسترا" الذي حصل على 34مقعدا،فقرروا أن يشكل حكومة بمفرده ،استقبلته الملكة
مع الفريق الذي اختاره وبدأ العمل. وبعد حوالي خمسة أشهر دخلت معه ثلاثة أحزاب وهي لبرال أليانس وحزب المحافظين وشكلوا حكومة متجانسة.
عندنا في المغرب حزب العدالة والتنمية حصل على 125 مقعد ،وحاول ابتزاز الأحزاب واستعمل في ذلك كل الطرق،ولم يراعي مواصفات معينة كالتقارب الإديولوجي ،بل حاول أن يجمع اليسار واليمين وتراجع ،ثم دخل في جدل عقيم وصراع ، مع أحزاب عدة ،عطل الحوار وبالتالي جعل التحالف مستحيلا في ظل التصريحات المتتالية التي خرج بها في كل مرة.
إذن الفرق بين الدانماركيين وبيننا هو أنهم يؤمنون بالديمقراطية وبالحوار ويختارون الفريق المنسجم في المبادئ والقيم والإديولوجية ولا يمارسون سياسة الإستعلاء ،واحتقار الأحزاب الصغيرة ،لأنهم
يحترمون اختيارات الشعب،في الدنمارك الأحزاب تؤمن بالديمقراطية كخيار للدفع بعجلة التنمية و الإستمرار في خدمة البلاد ،بل وفِي الكثيرمن الأحيان يحصل توافق في تدبير القضايا الكبرى التي
تهم البلد وتكون محط انشغال شريحة واسعة من المجتمع الدنماركي.
فمتى ترقى الأحزاب المغربية للمستوى الذي وصلته الأحزاب في الغرب في تدبيرها للشأن العام؟ سؤال الذي يمارس التحكم في المغرب : حزب العدالة والتنمية .

  • حيمري البشير