لن نرمي الورود والزهور على الدولة المغربية وروادها.. أو ما ينعته المحتجون والغاضبون ب(المخزن) أو الدولة العميقة.. شأنها شأن باقي الدول النامية. ولن نتردد في التأكيد على استمرار الفساد في الأرض والبحر والجو المغربي.. وأن هذا الفساد تشعب وتجدر داخل الرفوف والعقول إلى درجة لم ينفع معه علاج، ولا حتى عمليات جراحية لأعظم أطباء السياسة والاقتصاد والمنظرين.. وأن السبيل الوحيد لوقف زحف الفساد وانتشاره، يستوجب بثر تلك الأعضاء الفاسدة من مناصب المسؤولية. لكن بالمقابل لن نقبل بأن نرهن البلد بأياد وعقول مجهولة ومتعفنة، تسوق للفتن والإشاعة وتسفيه الحياة، وتخدم أجندات خارجية. لن نقبل بأن ينعت المواطن المغربي بالخائن والانفصالي وأن نجرده من وطنيته لمجرد أنه خاض احتجاجا من أجل نيل مطالب مشروعة. أو سعى من أجلها بما رآه لازما ومناسبا للضغط السلمي وفرض الاهتمام بشؤونه وحياته المعيشية اليومية.

لن نقبل بكائن بشري كيفما كانت رتبه وزيرا أو غفيرا.. أن يشكك في مصداقية النضالات السلمية للمغاربة. ويرشقهم بتهم ثقيلة، ويقحمهم في مواضيع هامشية الهدف منها تحريف النقاش الدائر. وإغلاق منافذ الإنصات لنبض الشارع، والحوار والتفاوض والتجاوب الإيجابي. لن نقبل بمناضلين يسقطون علينا من السماء في لحظات الغليان الشعبي..يعاملوننا كدمى و عبيد.. يفرضون التبعية لهم ولنزواتهم ومخططاتهم المبرمجة خارج حدود البلد. لن نقبل بزعماء (جوكيرات) يدعون الفقه والمعرفة في كل شيء.. في السياسة والاقتصاد والخطابة والدين والفن والثقافة.. زعماء يدعوننا للانفصال عن نظام يعتبرونه فاسد، ليدخلوننا في نظام أفسد منه يدار بأجهزة التحكم عن بعد.من أطراف خارجية. لن نقبل بمناضل يختزل المغرب في قبيلته أو مدينته أو قريته.. مناضل أناني لا يفكر إلا في مصالحه الشخصية. لا يقيم أدنى اهتمام أو اعتبار لباقي المغاربة.. فحلم المغاربة أن يدركوا كل معاني التلاحم والتماسك العربي.. ويرفضون التشتت والتفكك القبلي والعرقي .. بل إنهم يأملون في دولة واحدة موحدة تضم حتى باقي الأشقاء بتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا وباقي الدول العربية والإسلامية.. عاش المغاربة والعرب مهازل ومسرحيات الربيع العربي المفبرك.. الذي أزال أنظمة فاسدة، ونصب بدل منها أنظمة أفسد وأجبن. وأدخل دولا في دوامة الحروب الأهلية (مصر، تونس، ليبيا، اليمن، سوريا..). ربيع فطن إليه المغاربة، فخرجوا منه بأقل الخسائر. وعلم الكل بعدها

 

أنه بطعم خريفي، وأنه نتاج مخطط جهنمي كان يدار بأجهزة عن بعد، تمتلكها دول العالم القوية، وفي مقدمتها صنيعة الفساد والإرهاب العالمي الولايات المتحدة الأمريكية، وابنتها بالتبني (إسرائيل) التي كافأتها مؤخرا بتهويد القدس، ونقل سفارتها إلى أرض المسلمين والمسيحيين. تلك الدول التي وضعت مخططات لتقسيم وإضعاف مجموعة من الدول، ضمنها دول المغرب العربي.. وإن توقفت عند سوريا بعد أن تعارضت عندها مصالح الروس والأمريكيين.. فإن لديها مهندسين سياسيين لازالوا يبدعون من أجل خراب العرب والمسلمين. ولازالت الدول العربية والإسلامية على قائمتها السوداء. إن أكبر داء أهلك المغرب والمغاربة وحد من تنميته واستفادة المغاربة من كل ثرواته بالعدل، هو مرض التناحر والتنافر الأسري والعرقي والقبلي المترسخ في نفوس البعض. والذي أدى إلى تفكك الأسر، وتفكك القبائل وتفكك الأعراق... مرض العنصرية غير المعلنة بين (لعروبي والشلح والصحراوي والفاسي والريفي ...).. وبين (الودادي والرجاوي والمسيوي و...).. بات موضوع نكت ومشاهد للسخرية..أصبحنا نلمسه في أرض الواقع.. يتجسد في التعاملات اليومية في العمل والتجارة والتعليم وكل مظاهر الحياة...هذا التناحر والتنافر تقتات منه عدة شخصيات بارزة.. ويورث إلى الأولاد والأحفاد. أدخل المغاربة فيما يشبه الحروب الأهلية، التي وإن كانت تعتمد العنف اللفظي أو الشغب المسلح بأسلحة بيضاء.. فإن رصاصها المطاطي يقتل تدريجيا ما يجمع المغاربة من وطنية وغير أكيدة وخصال حميدة المفروض أن تسود وتترسخ داخل الشعب الواحد. ولولى غطاء الملكية والوطن والعلم الوطني الذي يرفع هنا وهناك.. لظهر هناك بالصحراء المغربية والشرق والوسط والغرب والشمال و.. زعماء وهميين.. ولعاش المغرب حربا أهلية كانت ستأتي على الأخضر واليابس..



بوشعيب حمراوي