لقد تنفست ساكنة العدوتين الصعداء بعدما سمعت بهدم العمارة التي كانت ستعلى على قنطرة ضفة أبي رقراق بأمتار وبالتالي كانت ستغطي المنظر الجميل الذي ترونقت به مدينة سلا المجاهدة التي تعودت ساكنتها كل صباح وهي تتمتع بالمنظر الجميل الذي كانت هذه الساكنة تبتهج به وهو ضريح محمد الخامس قدس الله روحه، الذي يشرف على مدينة سلا من رباط الخير عاصمة المملكة، وصومعة حسان الرمز التاريخي للعاصمة التي كلما صعد إليها أحد المواطنين المغاربة أو السياح أو سكان العدوتين إلا وتمتع بمنظر جميل وهو يشاهد مدينة سلا العتيقة و محيطها من الأحياء الجديدة وشاطئها الجميل الذي يمتد إلى كيلومترات من الأوداية إلى مهدية، وهو شاطئ تتخلله أمواج تضفي رونقا و جمالا على مدينة سلا المجاهدة التي انطلقت منها مسيرة اللطيف بعد فاس والتي كان لها الأثر الجد الايجابي في استقلال المغرب، بحيث بعد هذه المسيرة انطلقت المفاوضات والحوارات إلى ان حصل المغرب على الاستقلال سنة 1956 وعودة محمد الخامس سنة 1955، ثم إنشاء قنطرة مولاي الحسن التي سهلت العبور ما بين سكان العدوتين النشاط التجاري وحركات التنقل بين سلا والرباط بصفة خاصة، وباقي المدن المغربية الأخرى شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وعرفت مدينة سلا نشاطا متزايدا في العمران والكثافة السكانية، وعم الرخاء في ثمن العقار والكراء والمعيشة، بحيث أصبحت مدينة سلا وجهة الهجرة من المدن المغربية الأخرى نظرا لوفرة السكن والمواد الغذائية الأساسية الفلاحية، بينما مدينة الرباط أصبحت العاصمة الإدارية المركزية يحج إليها المغاربة من كل فج عميق عندما يريدون قضاء مآربهم الإدارية والاجتماعية وهم فرحون حيث يضربون عصفورين بحجرة واحدة، يقضون مصالحهم الإدارية إن تطلب الحال ذلك ثم يتمتعون بفترة وجيزة من السياحة الداخلية ويتعارفون ويربطون علاقات أخوية وصداقة أخرى يحيون من خلالها صلة الرحم مع الأهل والأحباب والأصدقاء مما جعل المملكة تعرف نموا مضطردا في كل الميادين الأمر الذي ساعد على إنشاء المدارس والثانويات والمستشفيات، واستفاد أبناء المدن النائية من ذلك حيث التحقوا بالمدارس العليا والكليات التي كانت لا توجد إلا في العاصمة نظرا لقلة اليد والحاجة إلى المال.

وبالعودة إلى هدم العمارة التي كادت أن تصيب ساكنة سلا بالهم والغم وسوء المنظر، وأساسا لمريسة والرمل والمزرعة وبطانة بحيث سكان بطانة السفلى حتما كانت هذه العمارات ستحجب عنهم رؤية مدينة الاوداية والعكس صحيح، بالإضافة إلى السوق التحتي المسمى بباب الرحبة و الفلايك والمون، فضلا عن رؤية المارة وعبور السيارات والطرام، والمنظر الجميل الذي أضفته القنطرة الجديدة على ضفتي أبي رقراق والولجة والمشروع الكبير المتعلق ببناء مدينة على ضفة وادي أبي رقراق والمسرح، وحي مولاي إسماعيل، والجانب المطل على نهر أبي رقراق من القرية وسلا الجديدة، الحقيقة إنها غمة كادت أن تصيب ساكنة مدينة سلا وجزء من مدينة الرباط العاصمة لولا ألطاف الله، حيث أعطيت تعليمات إلى الجهة المعنية بهدم تلك العمارات التي لا يمكن أن تنعث إلا بأنها عشوائية، ويستحق كل مخالف ساهم في الترخيص لها سواء من قريب أو بعيد بكل ما يترتب على ذلك من عقاب في إطار القانون الجاري به العمل في مثل هذه الحالات التي قد تصل إلى درجة الغدر وتشويه منظر مدينتين عريقتين في تاريخ المملكة، كما لهما إسهامات أساسية في محاربة الاستعمار والحصول على استقلال البلاد أسوة بباقي المدن المغربية الأخرى كفاس ومكناس، بوفكران، واد زم والدار البيضاء والجديدة وآسفي وبني ملال وغيرهم من المدن العتيقة الأخرى التي كان لأبطالها الفضل في طرد المستعمر الغاشم شمالا وجنوبا، غربا وشرقا.

ومن ذا الذي خولت له نفسه أن يرتكب هذه المخالفة النكراء التي كادت أن تؤذي ذلك المنظر الجميل وفعلا، هذه المساحات كانت تسمى بالمنظر الجميل حيث أتذكر انه كانت هناك مقهى خشبية من جهة صومعة حسان تطل على قنطرة مولاي الحسن اسمها المنظر الجميل وعمري لا يتجاوز 8 أو 10 سنوات، ولم تكن لا مارينا ولا القنطرة العملاقة التي هي من بنات أفكار سيدنا نصره الله، ولا الطراموي ولا عدد السيارات التي تعبر القنطرة يوميا، ولا الحافلات ولا نفق الاوداية ولا شبكة الطرق الموجودة اليوم، بل كان باص صغير يسمى "مدام شرويط" ينقل الناس بين سلا والرباط.

وبهذه المناسبة القول للذين يروجون بأن الملكية تعرقل أو تعطل التنمية، فما كلامكم إلا مزايدة سياسوية يريدون استغلالها من أجل الوصول إلى الغاية البئيسة، وكلامكم مردود عليكم، بغض النظر على أن ذاكرتكم خاملة وجامدة ومعتوهي التفكير، إلا فيما هو يتصل بأطماعكم ومخططاتكم التي لا تحرك ساكنا في الشعب المغربي الذي لا يرضى ولا يثق إلا في ملكه.

أما الأسئلة المطروحة فهي كالآتي:

من هو المسؤول الأول عن هذه المخالفة؟

هل هو مدير الوكالة الحضرية؟

هل هو مدير وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق؟

هل هو رئيس الجماعة الحضرية لمدينة سلا؟

هل هو والي الجهة و إلى جانبه عامل مدينة سلا والمقربين منه المكلفين بالتعمير؟

هل هو السيد وزير النقل والطرق والقناطر؟

هل هو السيد وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة؟

هل تدخل المنتخبون لمنع هذا البناء؟

هل تدخل أي حزب من الاحزاب المنتخبة في سلا والرباط من أجل التنبيه؟

هل تدخل برلمانيي سلا لإثارة هذه المخالفة؟

هذه مجموعة من الأسئلة اعتقد أن المواطن الرباطي والسلاوي ينتظران الجواب عنها، أما المستثمر اعتقد انه بريء حيث انه يبحث عن الربح فقط دون التفكير في أي شيء آخر، هذا إن لم يكن دفع رشوة إلى الفاعلين المعنيين، وفي هذه الحالة واجب إنزال العقاب عليه بالتساوي مع من سهلوا له المشروع ورخصوا له البناء، وإلزامه بإعادة الحال كما كان عليه دون تأخير أو تماطل.

وللإشارة فإن عطبا سبق وأن أصاب هذه القنطرة، عطب جراء آلات البناء الثقيلة حيث تشققت هذه القنطرة وفق ما كتبت بعض الصحف و ما روي من أخبار، ولكن بلطف الله مرت الأمور في سلام.

أعتقد أنه وتفاديا لما سبق ذكره أعلاه، تلك الأراضي يمكن استغلالها سياحيا واقتصاديا، بحيث تبنى المتاجر من فئة 12 إلى 120 متر مربع وبهندسة حداثية تراعى فيها كل شروط الجمالية والرونقة تخصص لترويج قطاع الصناعة التقليدية بكل حرفها شريطة ان لا يتعدى علو هذه الدكاكين مترين و 60 سنتمترا، محيطة بساحة نموذجية مثل ساحة جامع الفنا بمراكش الحمراء، أما الجناح الآخر الذي يمتد من القنطرة إلى متجر ماكدونالد يمكن تخصيصها لمعرض تجاري موسمي قطاعي حسب الموسم والظروف، من شأنه أن يذر على مدينة سلا دخلا ماليا منظما يساعد على إنشاء مشاريع تنموية مستدامة تعود بالنفع على السكان والمدينة وأساسا الشباب ذوي المهارات والمشاريع ذات الصلة بالتنمية البشرية من خلال تكافؤ الفرص.



عبد العزيز الإدريسي