جمّد مجلس جامعة الدول العربية في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عضوية سوريا في الجامعة، على خلفية تداعيات الأزمة السورية بمختلف أوجهها الداخلية والخارجية. وفي أواخر العام الماضي 2018، بدأت بالظهور أشارت لإعادة سوريا إلى الحضن العربي، والتي بدأت بخطوة لافتة من الإمارات العربية المتحدة بإعادة فتح سفارتها في دمشق، وسبقها زيارة الرئيس السوداني حسن البشير، إلى أن تقرّر بحث الإعادة على مستوى مجلس الجامعة، فما هي الخطوات والإطار القانوني المفترض؟

بمقتضى المادة الأولى من الميثاق، لكل دولة عربية الحق في الانضمام إلى الجامعة، ووفقا لهذا النص لا مشكلة فيها سورياً، فهي عضو أصيل موقع على ميثاق الجامعة من بين الدول السبع المؤسسة، إلا أن القضية تنطلق من تجميد العضوية، وهي حالة قانونية مختلفة عن الفصل، مثلا. فالفصل يكون بقرار من مجلس الجامعة بالإجماع دون صوت الدولة المستهدفة، وهو قرار لا إرادي، لا يتعلق بقبول الدولة المستهدفة أو رفضها، وفي الحالة السورية ينعقد الأمر على قاعدة تجميد العضوية، الذي لا ينهي عمليا مفاعيل العضوية، إنما يمنع الدولة عن ممارسة حقوقها وواجباتها في الجامعة طوال نفاذ القرار ويبقى مقعدها شاغرا، إلى إن يتخذ قرار يلغي مفاعيل التجميد، وفي هذه الحالة بالذات لا يلغي تجميد العضوية، بل تحتفظ الدولة بمقعدها الشاغر دون تمكنها من الاستفادة منه؛ وبالتالي إن عودة سوريا إلى الجامعة وفقا للميثاق يمكن أن ينشئ حالتين قانونيتين، الأولى وهي مبادرة سوريا إلى ذلك، أما الثانية فهي مبادرة بعض الدول الأعضاء إلى بحث الموضوع لاتخاذ ما تراه مناسبا في ذلك.

فوفقا لنص الميثاق ليس ثمة نص لتجميد العضوية، إنما هو إجراء يمنع الدول المستهدفة من ممارسة حقوقها وواجباتها في الجامعة وليس له علاقة بالفصل أو الطرد كالحالات الموجودة في ميثاق الأمم المتحدة كقياس على الوضعين العربي والأممي، فوفقا للفقرة الثانية من المادة 18 من الميثاق، لمجلس الجامعة أن يعتبر أية دولة لا تقوم بواجبات الميثاق، منفصلة عن الجامعة،وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها. وبالتالي فقد أباح الميثاق لمجلس الجامعة، أن يقرر بإجماع أعضائه عدا العضو المقرر فصله، فصل إي عضو إذا ثبت، أن ذلك العضو لا يقوم بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها الميثاق، ويترتب على فقد العضوية حرمان الدولة من الحقوق وتحللها من الالتزامات التي قررها الميثاق، على انه بإمكان الدولة إعادة عضويتها في الجامعة بتقديم طلب إلى مجلس الجامعة. إلا أنه في هذه الحالة وجهة أخرى يمكن البحث فيها، وهي متعلقة بتقديم طلب إعادة العضوية في حالة الفصل، وهي حالة تحدثت عنها المادة الأولى لجهة طلب العضوية وليست العودة أو الإعادة؛ وبما أن تجميد العضوية جاء في الأساس بقرار لا إرادي سوري، بل عبر قرار مجلس الجامعة، فمن الناحية القانونية والعملية يمكن لأي دولة عربية طرح الموضوع على المجلس لاتخاذ القرار فيه، وليس شرطا لازما أن تبادر الدولة المعنية به أمام مجلس الجامعة، أما لجهة حجم التصويت ففي المبدأ هو الإجماع وفقا للمادة الأولى في قبول العضوية والمادة 18 في الفصل، لكن المجلس وفي قرارات سابقة، اعتمد التصويت بالثلثين على ما جاءت به المادة 18 قياسا على المسائل المتعلقة بتعديل الميثاق مثلا.

ليس ثمة مشكلة قانونية لعودة سوريا أو إعادتها إلى جامعة الدول العربية، وما جرى من إشكاليات التجميد وما أثارته من جدل قانوني آنذاك، قد تخطته الوقائع والظروف العربية، وباتت العودة مرهونة بقرار المجلس الذي يعقد جلساته في التاسع من يناير/كانون الثاني 2019. إن لمَّ شمّل العرب في هذه الظروف بات شرطا ضروريا لإعادة بناء نظام اقليمي عربي يحمي مصالح دوله التي باتت مهددة بفعل سيطرة دول إقليمية ودولية على الحل والعقد في معظم القضايا، ولعلَّ مشروع الانسحاب الأميركي من سوريا يكون مقدمة لانجاز هذا الملف الحيوي.


د. خليل حسين