من المعلوم أن في تاريخ وقوع الجريمة (18 دجنبر 1975) لم يكن لعنصر الشبيبة الإسلامية عبد الإله بنكيران(رئيس الحكومة المغربية السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية)، أي شأن يذكر؛ لكن، خلال محاكمة الجناة- الذين لم يكونوا سوى أدوات تنفيذية لمخطط إجرامي، لم يُكشف النقاب عن مدبريه الحقيقيين (المجرمون الكبار) لتصفية خصم سياسي قوي بفكره وأخلاقه ونظافته ونضاليته وصموده ضد الاستبداد ومقاومته الشديدة للانحراف في النقابة وفي السياسة - ظهر بنكيران كعنصر نشيط في الدفاع عن المجرمين وتمجيد فعلتهم الشنيعة إلى درجة وصفهم بالمجاهدين...

وقد وصلت به الخسة والنذالة والحقد والضغينة إلى وصف الشهيد عمر بنجلون بـ"الكلب الأجرب" حيث قال، خلال محاكمة المتورطين في الجريمة: “أمن أجل كلب أجرب يحاكم خيرة شبابنا…؟. وبعد صدور حكم المحكمة، قاد مظاهرة للتنديد بالأحكام الصادرة في حق المنفذين للجريمة.

وبناء على أقواله المُمَجِّدة لعملية الاغتيال والمساندة للمجرمين، فإنه يحق لنا أن نتهمه بالمشاركة في جريمة اغتيال القيادي الاتحادي البارز عمر بنجلون. لذلك، فإني كمناضل اتحادي وكمواطن مغربي أطالب بفتح تحقيق قضائي في الموضوع، لإجلاء الحقيقة، كل الحقيقة، حول دوره في تلك الجريمة الشنعاء. وما يعطي لطلبي هذا شرعيته ومشروعيته هي شخصية الرجل.

فالذين عرفوه عن كثب قالوا عنه أشياء كثيرة. فمنهم من وصفه بعديم المروءة (عبد السلام ياسين) ومن وصمه بالخيانة والنذالة(شيخه عبد الكريم مطيع)، ومن وصفه بالعمالة (عميد الشرطة بالاستعلامات العامة، الخلطي)؛ والآخرون وصفوه بالغدر(مناضلو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) أو بالمخبر(السجناء الإسلامويون)؛ وقد وصفه شيخه الكبير وولي نعمته الدكتور عبد الكريم الخطيب بالأعلى سهما في التملق والانتهازية؛ وما هذا إلا غيض من فيض عن صفاته الشخصية وعن أخلاقه التي ليس فيها ما يُشرِّف.

ومن كانت هذه أخلاقه، فلن يتردد في أن يشارك بقدر ما وبإيعاز من هذه الجهة أو تلك، في تصفية مناضل من طينة عمر بنجلون الذي كان يزعج أعداء الديمقراطية بفكره المتنور ومواقفه الجريئة. وفي الواقع، فإن كل القرائن تدل على أن عبد الإله بنكيران كان مشاركا، بشكل من الأشكال، في الجريمة. فحسب بعض الشهادات وحسب ما فاه به بنكيران نفسه، فإنه كان ضليعا في هذه الجريمة النكراء (جريمة الاغتيال السياسي).

وبما أن الجرائم الإنسانية والسياسية لا يطالها التقادم، فإني أتوجه إلى الشخصيات والجمعيات الحقوقية(وفي مقدمتها "المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف") لألتمس منها الانكباب على هذا الملف من أجل استجلاء ملابساته والقيام بالخطوات الضرورية حتى تتم محاكمة المعني بالأمر، إنصافا للضحية وعائلته الصغيرة والكبيرة وإنصافا للتاريخ الذي لا شك أنه سيقول كلمته الأخيرة، مهما طال الزمن، من خلال فتح مزبلته الفسيحة لكل الأنذال والخونة والمرتزقة والمنافقين...

فأن يجد " قتلة الشهيد عمر بن جلون في بنكيران المدافع الأكبر عنهم، وممونهم الأول داخل السجون، وممول عائلاتهم"؛ وأن "يسميهم بالمجاهدين الذين سيدخلون الجنة، لأنهم قتلوا كبير الملاحدة والشيوعيين والكفار"؛ وأن يقول "في خطبته العصماء في المسجد المحمدي بالدار البيضاء وهو محمول على الأعناق يوم صدور الأحكام على قتلة الشهيد: من أجل قتل كلب أجرب كان يسب الله ورسوله يُحكَم على خيرة شباب الأمة بالإعدام "، لهو الدليل القاطع على مشاركة بنكيران في جريمة اغتيال عمر بنجلون(المقتطفات الواردة في هذه الفقرة منقولة عن صفحة "عين دريج نيوز" وصفحة "جامعة ظهر المهراز فاس" وصفحة "أخبار التعليم بالمغرب" وصفحة "بنكيران مسيلمة الكذاب"، على الفايسبوك ).

فبالإشادة بقتل عمر بنجلون وبالوصف الشنيع الذي أطلقه على الشهيد، يُثبت بنكيرن التهمة، ليس على القتلة المجرمين (المنفذون المباشرون للجريمة) فقط؛ بل وعلى نفسه أيضا. فمشاركته في الجريمة ثابتة ولو بالمباركة على أقل تقدير. والإشادة بالاغتيال كاٌلإشادة بالإرهاب، يجب أن يطالها القانون باعتبارها جريمة إنسانية.

وتأسيسا على هذا، فإنه من العدل والإنصاف أن تتم محاكم بنكيران كشريك في الجريمة النكراء التي ذهب ضحيتها قيادي سياسي كبير وإطار وطني من الطراز العالي(مهندس دولة في المواصلات ومحام بارع وصحافي مقتدر) كان في أوج عطائه؛ مما حرم البلاد من الاستفادة من كفاءته العالية ومن اجتهاده النظري والميداني في البناء الديمقراطي من أجل إرساء وترسيخ قواعد دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون، خدمة للمواطنين وللمصالح العليا للوطن.

وإذا كان للقضاء وحده الحق في تحديد طبيعة مشاركة بنكيران في جريمة اغتيال عمر بنجلون، اعتمادا على نتائج تحقيق نزيه، دقيق ومُعمَّق، فإني أعتقد أن للشخصيات والمنظمات الحقوقية دورا أساسيا في الدفع بالملف ليصل إلى القضاء.

وفي حال وجوب إقامة الدعوة إسميا، فأنا شخصيا مستعد لتحمل هذه المسؤولية والقيام بهذه المهمة. ولكوني لست من رجال القانون، فسأكون محتاجا فقط إلى الاستشارة القانونية والمآزرة الدفاعية.

وفي انتظار ردود فعل أهل الاختصاص وتنويري حول مدى أحقيتي في هذا المطلب من عدمها، فإني أتمسك بالأمل وأستحضر المثل القائل: "ما ضاع حق وراءه طالب".



 محمد إنفي