في تقرير صحفي طريف قرأته مؤخرا حول كيفية التعامل معالمسؤولين الفاسدين ؛ وبأية صورة يراهم الناس وهم المدانون بجرائم تعاطي الرشا ونهب المال العام .. فقد أقدم شاب صينيّ أسمه "زهانغ بينغ جيان " بجمع اكثر من (1600 ) صورة لموظفين ومسؤولينتلطخت أيديهم بتعاطي الرشى وامتهان الفساد.

ولأن هذا الفتى فنان بارع في رسم الصور الفوتوغرافية ، فهو يأمل انيرى الناس سحنات هذه العينات الفاسدة السقيمة الخلق والخُلق منخلال إقامة معرض يحتوي رسومهم وإبراز وجوههم الكريهة أمام الملأ.

هذا الشاب الصيني زهانغ قدّم طلبا الى المعنيين المسؤولين في قاعة المشاهير في بكين ( وهذه القاعة تحتوي غاليريهات فخمة لكبار الفنانين العالميين الراقين ) لعرض رسوماته وحجز إحدى القاعات لهذا الغرض وهو يدري تماما ان طلبه مرفوض حتما لأن هذه القاعة مخصصة للإعمال الإبداعية الفريدة المتميزة عالميا ، ولكنه قام بتقديم الطلب بدافع السخرية والتهكّم والاستهزاء لِما اقترف لصوص بلاده من جرم بحقّ أموال مواطنيهم ، فهؤلاء اللصوص ليسوا من الشخصيات الناجحة التي تستحق الاحترام كي توضع بوستراتهم الكريهة في قاعة المشاهير المرموقة.

ويتعاون الفنان " زهانغ " مع أكثر من عشرين فنانا من أصدقائه الشباب المتحمس برسم لوحات كبيرة لهؤلاء الفاسدين الذين أدانتهم المحاكم المختصة ويستخدمون عن قصد أردأ أنواع الورق والقماش الرثّ المرميّ في المزابل أو من البالات الرخيصة لرسم تلك الوجوه الكالحة وأسوأ أنواع الأصباغ والدّهان لإبراز معالم هذه الوجوه وملامحهم الكريهة التي تثير السخرية أمام الزوار ؛ فهذه الوجوه الفاسدة لا تستأهل النفيس والغالي من الورق والدهان وقماش الكانفاس الجميل المستخدم لدى الفنانين والخطاطين.

ويقول هؤلاء الشباب الذين يعملون منذ عدة أعوام لأجل جمع صور مواطنيهم الفاسدين : " الحقّ ان مظاهر الفساد في الصين قد ظهرت في الآونة الاخيرة وانتشرت رائحتها بشكل أثار قرف هؤلاء الشباب الذين يقولون ايضا ان بلادهم لم تكن تعرف سابقا مثل تلك الكثرة الكاثرة من القطط السمان ومن الحيتان الغريبة الأطوار النهمة والتي تشفط وتبلع ما تيسّر لها في بلادي ".

اما كيف يسعى " زهانغ " وأصحابهُ للحصول على صور المدانين بالفساد فان ابواب المحاكم مفتوحة لهم ويزودونهم بما يريدون بلا ايتساؤل او حجب كما يستعينون بوسائل الاعلام التي فضحت الفاسدين حتى زجّتهم الدولة في السجون كما ان إدارة ومسؤوليالسجون لا تمانع من تزويد هؤلاء الفتية الشباب الفنانين بصور المرتشين الفاسدين بلا اية خطوط حمر ، وفي حالة تعذر الحصول على اية صورة للمدان يلجأ الرسامون الى تعليق صورة بدون ملامح وجه مع الإشارة لأسم المعنيّ أسفل الصورة الموحية له.

وبالرغم من رفض مسؤولي قاعة المشاهير إقامة المعرض لرسومات هؤلاء الفتية لكن الفنانين يأملون في يوم ما ان تتم الموافقة على مطلبهم فلا يكفي إشاعة وجوههم وتعليقها في الساحات الرئيسية العامة والشوارع والحدائق وأماكن التجمّع الرئيسية ، وهم جادون وبإصرار شديد في نشر صور هؤلاء وعرضهم بقاعة المشاهير بأيّشكل من الأشكال الى حدّ انهم مصممون ان يرى الناس في كل أنحاء العالم وليس في الصين وحدها سحنات وجوه غدرت بالوطن ونهشت لحمه وامتصت دماءه وسرقت جزءا من ثرواته.

أنا عن نفسي لا أخفي ما في داخلي من استحسان تلك الفكرة ؛ فقد تمنيت ان يقوم فنانونا من الرسامين والمبدعين ان يحذو حذو الفنانين الصينيين الشباب ويقومون بتنظيم معارض في الهواء الطلق وساحة التحرير ببغداد وشوارع ابي نواس والسعدون وغيرها من المناطق المكتظة لإشاعة صور فاسدينا وهم كثرة كاثرة ايضا وقد يفوق عددهم عمّا في الصين التي زاد تعداد سكّانها على المليار ونصف نسمة.

وياحبذا ان يكون المعرض مقاما في عيانا وفي أماكن مكشوفة في إحدى الساحات او الحدائق العامة من اجل فضح هؤلاء ويرى العابر والقاصد صورهم وأشكالهم ونتخيّل كيف ينهشون لحم مواطنيهم وينهبون ثروات بلدهم وما اكثرهم في بلادنا التي اتخمت من أعدادهم المتصاعدة وأصبحوا يتناسلون كالديدان وينتشرون كالطحالب ؛ وفي نظرنا لابدّ ان يتم فضح الفاسدين والمفسدين عندنا وتنشر لعموم الناس ويراها الاعم الاغلب من اجل كبح جماحها والتقليل من مخاطرها الجمّة وان لا تقتصر على مرتكبي ومرتشي الصغائر فقط فالحيتان الكبيرة الضخمة هم اول من يحاسبون ويتم نشر غسيلهم القذر امام العيون.

jawadghalom@yahoo.com